مشتهى الأجيال
أمام الحاكم الروماني
التفت بيلاطس إلى الرجال القابضين على يسوع ثم نظر إلى أسيره نظرة فاحصة. لقد سبق له أن تعامل مع كل أنواع المجرمين ولكن لم يؤت إليه قط بإنسان كهذا ارتسمت على محياه آيات النبل والصلاح . لم ير على وجهه أي أثر ينم عن أنه آثم ، أو أي تعبير عنالخوف أو الجسارة أو التحدي بل رأى أمامه إنسانا عليه سيماء الهدوء والعظمة . فلم تكن على وجهه آثار الإجرام بل كان عليه طابع السماء. ML 684.4
إن منظر يسوع جعل أسارير بيلاطس تنفرج ، فأوقظت طبيعته الصالحة. كان قد سمع عن يسوع وأعماله . وكانت امرأته قد أخبرته عن بعض الأعمال العجيبة التي أجراها النبي الجليلي الذي كان يشفي المرضى ويقيم الموتى . ذكر بيلاطس هذا كله كما لو كان يحلم . وذكر الإشاعات التي كان قد سمعها من مصادر مختلفة ، فعزم على أن يطلب من اليهود أن يخبروه بالتهم التي يقدمونها ضد هذا الأسير. ML 685.1
سألهم قائلا: من هذا الإنسان ، ولماذا أتيتم به إلى هنا ، وأية شكاية تقدمونها ضده ؟؟ فارتبك اليهود . وإذ كانوا يعلمون أنهم لا يستطيعون إثبات أية تهمة ضد المسيح لم يكونوا يرغبون في أن يكون الفحص علنيا . فأجابوه قائلين إنه مضل يدعى يسوع الناصري. ML 685.2
فسألهم بيلاطس مرة أخرى قائلا: “أية شكاية تقدمون على هذا الإنسان؟” فلم يجبه الكهنة عن سؤاله بل أجابوه بكلام دل على شدة انفعالهم إذ قالوا: “لو لم يكن فاعل شر لما كنا قد سلّمناه إليك!” (يوحنا 18 : 29 و 30). وكأنهم يقولون: عندما يقدم إليك رجال السنهدريم الذين هم رؤساء الأمة رجلا يعتبرونه مستحقا للموت فهل هنالك ما يدعو إلى السؤال عن التهمة الموجهة إليه ؟ أرادوا بهذا أن يشعروا بيلاطس بأهمية مكانتهم ، وهذا يسوقه إلى إجابة طلبهم بدون حاجة إلى أمور تمهيدية أو أية تفاصيل . كانوا يتوقون على مصادقة بيلاطس على حكمهم لأنهم كانوا يعلمون أن الشعب الذين شاهدوا معجزات المسيح كان يمكنهم أن يسردوا قصة أخرى تختلف اختلافا بينا عن الأكاذيب التي كان أولئك الرؤساء يرددونها. ML 685.3
كان الكهنة يظنون أنهم أمام بيلاطس الضعيف المتقلب سيكونون قادرين على تنفيذ خططهم بدون كبير عناء. لقد سبق لبيلاطس أن وقع على حكم الموت بسرعة إذ أدان رجالا كانوا هم أعلم الناس بأنهم لا يستحقون الموت ، إذ كانت حياة أي أسير قليلة الأهمية في تقديره ، وسواء أكان بريئا أو مذنبا فذلك لم يكن أمرا بالغ الخطورة . كان الكهنة يؤملون أن بيلاطس سيقضي بالموت على يسوع بدون أن يعطيه فرصة للدفاع عن نفسه .هذه هي المنة التي طلبوها من بيلاطس بمناسبة حلول عيدهم القومي العظيم. ML 685.4