مشتهى الأجيال

598/684

محبة الذات تعمي بصيرته

وعلى الرغم من تعاليم المخلص فإن يهوذا كان دائما يروج فكرة كون المسيح سيملك على عرش داود في أورشليم. وعندما أشبع يسوع الخمسة الآلاف حاول يهوذا إتمام هذا الأمر . وفي تلك الفرصة ساعد يهوذا في توزيع الطعام على ذلك الجمع الجائع . وكانت لديه فرصة لأن يرى مقدار النفع الذي في قدرته أن يقدمه للآخرين. وأحس بالرضى والشبع الذي يجيء من خدمة الله . كذلك أعان في الإتيان بالمرضى المتألمين من بين الجمع إلى حيث كان المسيح . وقد رأى مقدار الراحة والفرح والبهجة التي تحل في قلوب البشر عن طريق قوة يسوع الشافية ، وكان يمكنه أن يدرك طرق المسيح . ولكن أغراضه الذاتية وأثرته أعمت عينيه . كان يهوذا أول من حاول الاستفادة من الحماسة التي أثارتها معجزة الأرغفة . وكان هو الذي دبر مشروع خطف يسوع وجعله ملكا . كانت له آمال عالية ، ولذلك كانت خيبته مريرة. ML 678.2

كان حديث المسيح عن خبز الحياة في المجمع هو نقطة التحول في تاريخ يهوذا. لقد سمع هذا القول: “إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه، فليس لكم حياة فيكم” (يوحنا 7 : 53) ورأى يهوذا أن يسوع يقدم للناس نفعاً روحياً لا زمنياً . وقد اعتبر يهوذا نفسه رجلا بعيد النظر ، وظن أنه استطاع أن يرى أن يسوع لم يكن يحظى بالكرامة ، ولذلك لا يستطيع أن يقدم لتابعيه رتبا عالية ، فعقد العزم على ألا يرتبط بالمسيح عن قرب إلا بدرجة تمكنه من التراجع ، فعزم على أن يترقب الفرص ، وقد فعل. ML 679.1

من ذلك الوقت بدأ يجاهر بشكوكه التي أربكت التلاميذ وحيرتهم. لقد خلق الخصومات والمشادات والمبادئ المضللة مرددا الحجج التي كان يوردها الكتبة والفريسيون ضد دعوى المسيح . فكل المتاعب والمضايقات والصلبان الكبيرة والصغيرة والصعوبات والمعطلات الظاهرة لتقدم الإنجيل - كل هذا فسره يهوذا على أنه برهان على عدم صدق الإنجيل . وكان يورد آيات كتابية لم يكن لها ارتباط بالحقائق التي كان يسوع يعلم بها وهذه الآيات عندما كانت تخرج عن سياقها والمعنى الذي قيلت لأجله كانت تحير التلاميذ وتزيد من المفشلات التي كانت تصدمهم بلا انقطاع . ومع ذلك فإن يهوذا عمل هذا كله بكيفية تظهره على أنه رجل حي الضمير . وعندما كان التلاميذ يبحثون عن برهان إثبات صدق أقوال المعلم العظيم إذا بيهوذا يقودهم دون أن يشعروا إلى طريق آخر . وهكذا فبطريقة دينية وحسب الظاهر حكيمة كان يهوذا يقدم المسائل في نور يختلف عما قدمه به المسيح . ويقرن بكلامه معنى يختلف عن المعنى الذي قصده يسوع . فكانت مقترحاته دائما تثير الطموح والرغبة في التفوق العالمي ، وهكذا كان يحول أفكار التلاميذ عن الأمور الهامة التي كانت عليهم الاهتمام بها . إن المنازعات حول من منهم يكون الأعظم كانت تحدث في أغلب الأحيان بإيعاز من يهوذا. ML 679.2