مشتهى الأجيال
“ واحد منكم شيطان”
وعندما قدم يسوع لذلك الرئيس الغني شرط التلمذة استاء يهوذا وظن أن خطأ قد وقع .فلو أن رجالا من أمثال هذا الرئيس ينضمون إلى المؤمنين لكانوا يعضدون المسيح ويساهمون في نشر رسالة إنجيله. وقد فكر قائلا إنه لو طلب منه أن يكون ناصحا ومشيرا لكان يبتكر وسائل كثيرة لخير تلك الكنيسة الصغيرة . قد تختلف مبادئه وطرقه قليلا عن مبادئ المسيح وطرقه ، ولكنه كان يظن نفسه أحكم من المسيح في تلك الشؤون. ML 680.1
وفي كل ما كان يقوله المسيح لتلاميذه كان هنالك شيء يخالفه فيه يهوذا في قلبه ، فبتأثيره كانت خميرة النفور تعمل عملها. لم يكن التلاميذ يرون العامل الحقيقي في كل هذا . ولكن يسوع عرف أن الشيطان كان يطبع صفاته على قلب يهوذا ، وكان بذلك يفسح المجال له ليؤثر على باقي التلاميذ . وقد أعلن المسيح قبل تسليمه بعام قائلا: “أليس أني أنا اخترتكم، الاثني عشر؟ وواحد منكم شيطان!” (يوحنا 6 : 70). ML 680.2
مع ذلك فإن يهوذا لم يجاهر بالمقاومة ، كلا ولا ظهر أنه كان يشك في تعاليم المخلص ، كما لم يجاهر بالتذمر حتى جاء وقت الوليمة التي أقيمت في بيت سمعان. فعندما دهنت مريم بالطيب قدمي المخلص ظهرت أطماع يهوذا . وعندما سمع يهوذا توبيخ يسوع بدا كأن روحه قد صارت كتلة من المرارة ، فكبرياؤه الجريحة وتعطشه للانتقام نقضا السياجات ، وتحكم فيه الطمع الذي احتضنه في قلبه أمدا طويلا . وهذا سيكون اختبار كل من يصر على مداعبة الخطية والتحرش بها . إن عناصر الفساد التي لا تقاوم وتغلب تستجيب لتجارب الشيطان فيستأسر الشيطان إرادة الإنسان. ML 680.3
إلا أن يهوذا لم يكن قد تقسى بعد تماما. وحتى بعدما تعهد مرتين بأن يسلم المخلص كان أمامه المجال للتوبة . وعند عشاء الفصح أعلن يسوع ألوهيته بكشفه لنوايا الخائن . إنه بكل رقة شمل يهوذا في خدمته التي قام بها لأجل التلاميذ . ولكنه لم يكترث لآخر توسلات المحبة . وحينئذ تقرر مصير يهوذا ، وتانك الرجلان اللتان غسلهما يسوع خرجتا لإتمام تدبير الخيانة والتسليم. ML 680.4
جعل يهوذا يتحاج قائلا إنه إذا كان يسوع سيصلب فلا بد من حدوث ذلك ، وعمله في تسليم المخلص لن يغير النتيجة. فإذا كان يسوع لن يموت فإن التسليم سيضطره لتخليص نفسه . وعلى كل حال فإن يهوذا سيربح شيئا بغدره وخيانته . وقد حسب أنه قد عقد صفقة رابحة بتسليمه سيده. ML 681.1