مشتهى الأجيال
المشتكون يقعون في ورطة
وقد قدمت رشوة لشهود الزور ليشهدوا كذبا على يسوع بأنه يثير التمرد والعصيان ويحاول إقامة حكومة منفصلة ، ولكن اتضح أن شهادتهم غامضة ومتناقضة . وبعد الفحص كذب أولئك الشهود ما قد قرروه. ML 665.2
كان المسيح في بدء خدمته قد قال: “انقضوا هذا الهيكل، وفي ثلاثة أيام أقيمه” ففي هذه النبوة المجازية أنبأ المسيح بموته وقيامته ، “وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده” (يوحنا 2 : 19 و 21). وقد فهم اليهود هذا القول فهما حرفياً على أنه يشير إلى هيكل أورشليم . فبين كل أقوال المسيح لم يجد الكهنة ما يؤاخذونه عليه غير هذا . فبتحريفهم لمعنى هذا الكلام كانوا يؤملون أنهم سيظفرون بمرادهم . لقد اشتغل الرومان في بناء الهيكل وزخرفته وكانوا يفخرون به جدا ، فأي احتقار يوجه إلى الهيكل كأن كفيلا بأن يثير غضبهم . فحول هذه النقطة كان يمكن للرومان واليهود و الفريسيين والصدوقيين أن يجتمعوا ، لأن الجميع كانوا يوقرونه توقيراً عظيما . وقد تقدم اثنان ليشهدا في هذه المسألة ولم تكن شهادتهما متناقضة كما كانت شهادة من سبقوهما . فإذ كان أحد ذينك الرجلين قد أخذ رشوة وقف يشهد على يسوع قائلا: “هذا قال: إني أقدر أن أنقض هيكل الله، وفي ثلاثة أيام أبنيه” (متى 26 : 61). وهكذا حرف كلام المسيح . فلو نقل كلامه كما قد نطق هو به تماما لما استوجب ذلك إدانته حتى من رجال السنهدريم . فلو كان يسوع مجرد إنسان كما ادعى اليهود لما دل إعلانه هذا إلا على روح التفاخر غير المعقول ، ولكن لم يكن بالإمكان تأويله على أنه تجديف . وحتى بعدما حرف شاهدا الزور كلامه لم يكن يوجد فيه ما يمكن أن يعتبره الرومان علة تستوجب الموت. ML 665.3
وفي صبر عجيب أصغى يسوع إلى تلك الشهادات المتناقضة ولم ينطق بكلمة دفاعاً عن نفسه . أخيراً أصيب المشتكون عليه بالحيرة والارتباك والجنون . فلم يكن هنالك أي تقدم في المحاكمة ، وبدا وكأن كل مؤامراتهم قد أصابها الفشل ، فتسرب اليأس إلى قلب قيافا ولم يبق أمامه غير ملجأ واحد يلوذ به . ينبغي أن يرغم المسيح على إدانة نفسه . قام رئيس الكهنة عن كرسي القضاء مقطب الوجه غاضبا ، ودل صوته وهيئته على أنه لو كان في مقدوره أن يضرب أسيره الماثل أمامه الضربة القاضية لفعل ، فصاح قائلا: “أما تجيب بشيء؟ ماذا يشهد به هذان عليك؟” (متى 26 : 62). ML 666.1
ولكن يسوع ظل ساكتا: “أما هو فتذلّل ولم يفتح فاه. كشاة تساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه” (إشعياء 53 : 17). ML 666.2