مشتهى الأجيال

579/684

الكون بأسره يراقبه

لقد راقب سكان العوالم الأخرى غير الساقطين وملائكة السماء بأعظم اهتمام ذلك الصراع وهو يقترب من نهايته . ثم إن الشيطان وحلفاءه الأشرار وجيوش الارتداد راقبوا بكل انتباه هذه الأزمة العظيمة في عمل الفداء . إن كلا من قوات الخير وقوات الشر انتظرت لترى ماذا ستكون إجابة السماء على طلبة المسيح التي قدمها ثلاث مرات . كان الملائكة يتوقون لتقديم الغوث والنجدة لذلك المتألم الإلهي . ولكن ما كان ذلك ليتاح لهم .ولم يكن هنالك طريق للنجاة مفتوحا أمام ابن الله . ففي هذه الأزمة المخيفة عندما كان كل شئ مهددا بالخطر ، وعندما كانت يد ذلك المتألم ترتعش وهى تمسك بتلك الكأس انفتحت السماء وأشرق نور في وسط تلك الظلمة الثائرة وساعة الأزمة الخانقة ونزل الملاك القوي الواقف في حضرة الله والذي يشغل المركز الذي سقط منه الشيطان ووقف إلى جوار المسيح . أتى الملاك لا ليأخذ الكأس من يد المسيح بل ليقويه على شربها مؤكدا له محبة الآب . لقد أتى ليمنح القوة لذلك الإله المتأنس المصلي . وقد وجه نظره إلى السماء المفتوحة وأخبره عن النفوس التي ستخلص نتيجة آلامه ، وأكد له أن أباه أعظم وأقوى من الشيطان ، وأن موته ستكون نتيجته الهزيمة النهائية الماحقة للشيطان ، وأن مملكة هذا العالم ستعطى لقديسي العلي . وقال له إنه سيرى من تعب نفسه ويشبع لأنه سيرى جماهير من الجنس البشري وقد خلصت خلاصا أبديا. ML 655.4

لم تنته آلام المسيح ولكن غمه ومفشلاته زايلته ، ولم تخف وطأة العاصفة بأي حال ، ولكن ذاك الذي هبت عليه تقوى لمواجهتها في شدة عنفها . فخرج هادئا وساكنا وأضاء وجهه الملطخ بالدم بنور سلام سماوي . لقد حمل ما لم يكن في استطاعة أي مخلوق بشري حمله بأي حال لأنه احتمل آلام الموت لأجل كل إنسان. ML 656.1

استيقظ التلاميذ النائمون فجأة إذ اشرق عليهم النور المحيط بالمخلص . فرأوا الملاك المنحني فوق معلمهم المنطرح على الأرض ورأوه وهو يرفع رأس المخلص إلى حضنه ويشير إلى السماء ، وسمعوا صوته كأعذب صوت موسيقي وهو ينطق بكلام العزاء والرجاء . وقد ذكر التلاميذ المنظر الذي كانوا قد رأوه فوق جبل التجلي ، وذكروا أيضاً النور الذي أحاط بيسوع حين كان في الهيكل والصوت الذي جاء من السحابة . والآن ها هو نفس ذلك المجد يعلن ثانية فما عادوا يخشون على معلمهم . لقد كان تحت رعاية الله إذ أرسل إليه ملاك قوي ليحرسه . ومرة أخرى يستسلم التلاميذ في إعيائهم لذلك النعاس الغريب الذي غلبهم على أمرهم ، وها يسوع يراهم نياما مرة أخرى. ML 656.2