مشتهى الأجيال
“عبثاً تعبت”
واجه المسيح كفادي العالم فشلا ظاهرا مدى سني خدمته . إنه هو الذي كان رسول الرحمة لعالمنا بدا وكأنه قد عمل قليلا مما كان يتوق لأن يعمله في رفع الناس من حضيض الخطية وتخليصهم . وقد بادرت كل قوات الشيطان لعرقلته وإعاقته ولكنه لم يفشل . إنه يقول في نبوة إشعياء: “عبثاً تعبت. باطلاً وفارغاً أفنيت قدرتي. لكن حقي عند الرب، وعملي عند إلهي .. فينضم إليه إسرائيل فأتمجّد في عيني الرب، وإلهي يصير قوّتي”. وليسوع قدم هذا الوعد: “هكذا قال الرب فادي إسرائيل، قدّوسه، للمهان النفس، لمكروه الأمة، لعبد المتسلطين” ... هكذا قال الرب: ... أحفظم وأجعلك عهداً للشعب، لإقامة الأرض، لتمليك البراري، قائلاً للأسرى: اخرجوا. للذين في الظلام: اظهروا .. لا يجوعون ولا يعطشون، ولا يضربهم حر ولا شمس، لأن الذي يرحمهم يهديهم وإلى ينابيع المياه يوردهم” (إشعياء 49 : 4 و 5 و 7 — 10). ML 646.1
اطمأن يسوع واستراح لهذا الوعد ولم يعط للشيطان مجالا . وعندما كان المسيح يخطو ML 646.2
خطواته الأخيرة في وادي الاتضاع ، وعندما اكتنف روحه حزن رهيب قال لتلاميذه إن “رئيس هذا العالم يأتي وليس له في شيء” وإن “رئيس هذا العالم قد دين”، “الآن يطرح رئيس هذا العالم خارجاً” (يوحنا 14 : 30 ؛ 16 : 11 ؛ 12 : 31). إن المسيح قد تتبع بعين النبوة المشاهد التي ستحدث في صراعه الأخير العظيم . لقد علم أنه عندما يقول: “قد أكمل” فكل السماء ستنتصر ، وستسمع أنغام الموسيقى التي سيحملها إليه الهواء من بعيد وهتافات الظفر في ربوع السماء . وقد عرف أن صوت جرس الموتى سيدق مؤذنا باندحار مملكة الشيطان ، وسينادى باسم المسيح من عالم إلى عالم في الكون بأسره. ML 646.3
فرح المسيح لأنه استطاع أن يفعل لشعبه أكثر مما طلبوا أو افتكروا . وتكلم بكل يقين عالما أن أمرا إلهياً عالياً قد قضي به قبل كون العالم . وعلم أن الحق المزود بقوة الروح القدس القادر على كل شيء لا بد أن يقهر قوات الشر ، وأن الراية الملطخة بالدم ستخفق منتصرة فوق تابعيه . وعرف أيضاً أن حياة تلاميذه الواثقين به ستكون كحياته — سلسلة نصرات متواصلة . وهى لا ترى في العالم على إنها نصرات ، ولكنها ستعرف على أنها نصرات في عالم الأبد. ML 646.4