مشتهى الأجيال

520/684

حياة من موت

لقد بسط المسيح أمام تلاميذه الأمور التي ستحدث له مستقبلا ممثلا لذلك بأشياء من الطبيعة حتى يستطيعوا فهم أقواله . إن النتيجة الحقيقية لرسالته لم يكن يمكن الوصول إليها إلا بموته . قال: “الحق الحق أقول لكم: إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير” (يوحنا 12 : 24). إن حبة الحنطة عندما تقع في قلب الأرض وتموت تنبت وتحمل ثمرا . وهكذا موت المسيح كان مزمعا أن يأتي بثمر لملكوت الله . وطبقا لنواميس مملكة النبات كان سينتج عن موته حياة. ML 589.1

إن من يحرثون الأرض يجدون هذا المثل أمامهم دائما . فالإنسان يحتفظ بحنطته عاما بعد عام بكونه يلقي بأفضل جزء منها كما يبدو . لابد من أن تدفن هذه الحنطة في أتلام الحقل والرب يحرسها ويرعاها . وبعد ذلك يظهر النبات ثم السنبل ثم القمح الملآن في السنبل . ولكن هذه الأطوار لا تتم إلا بعد ما تدفن الحنطة وتختفي وتضيع حسب الظاهر. ML 589.2

إن البذار الذي يدفن في الأرض يثمر والثمر الجديد يزرع مرة أخرى ، وبهذه الكيفية يربو المحصول ويتضاعف . وكذلك موت المسيح على صليب جلجثة سيثمر للحياة الأبدية . وإن التأمل في هده الكفارة سيكون مجدا للذين سيحيون مدى أجيال الأبد كثمرة لها. ML 589.3

إن حبة الحنطة التي تحتفظ بحياتها لا يمكنها أن تأتي بثمر بل تبقى وحدها . كان المسيح يستطيع أن ينجو بنفسه من الموت لو أراد . فلو فعل ذلك لبقي وحده ، وما كان يمكنه أن يأتي ببنين وبنات إلى الله . إنما فقط بتسليمه حياته للموت كان يمكنه أن يمنح البشرية الحياة . وليس بغير سقوطه في الأرض ليموت كان يمكنه أن يصير الحبة التي أثمرت كل ذلك الحصاد الوفير- تلك الجموع الغفيرة التي قد افتديت لله من كل أمة وقبيلة ولسان وشعب. ML 589.4