مشتهى الأجيال

516/684

يوبخ في محبة

وإذ نظر يسوع إلى الأمام إلى المستقبل أعلن أن عصيان اليهود ورفضهم لخدام الله سيبقيان كما كانا فيما مضى ثم قال: ML 585.1

“لذلك ها أنا أرسل إليكم أنبياء وحكماء وكتبة، فمنهم تقتلون وتصلبون، ومنهم تجلدون في مجامعكم، وتطردون من مدينة إلى مدينة” (متى 23 : 34) — أنبياء وحكماء مملوئين من الإيمان والروح القدس- كاستفانوس ويعقوب وآخرين كثيرين- سيحكم عليهم ويقتلون . فإذ رفع المسيح يده إلى السماء وقد غمره نور إلهي جعل يخاطب الناس الماثلين أمامه كقاض . وصوته الذي طالما سمع ينطق بالتوسلات الرقيقة ، سمع الآن ينطق بكلام التوبيخ والدينونة . فارتعب السامعون ، ولم يكن ممكنا أن يمحى تأثير كلامه ونظراته . ML 585.2

كان غضب المسيح منصبا على الرياء والخطايا الشنيعة التي كانت علة هلاك أرواح الناس وهم يموهون على الشعب ويهينون الله . وفي محاجة الكهنة والرؤساء الخادعة المموهة مع الفادي فطن إلى عمل القوات الشيطانية . وقد كان تشهيره بالخطية صارما وفاحصا ولكنه لم ينطق بكلام انتقامي . لقد اشتعل غضبه المقدس ضد سلطان الظلمة ولكن لم يبد منه أي اهتياج . وكذلك كل مسيحي يعيش على وفاق مع الله وله صفات الرحمة والمحبة الجميلة لابد أن يحس بغضب مقدس ضد الخطية ، ولكن الغضب لا يثيره بحيث يشتم من يشتمونه . وحتى لو التقى بمن تحركهم قوة شيطانية ليروجوا الكذب ففي المسيح لابد أن يحتفظ بالهدوء وضبط النفس. ML 585.3

ولقد ارتسم الإشفاق الإلهي على وجه ابن الله عندما ألقى نظرة أخيرة على الهيكل ثم على سامعيه . وبصوت خنقته العبرات والحزن القلبي العميق صاح قائلا: “يا أورشليم، يا أورشليلم! يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها، كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، ولم تريدوا!” (متى 23 : 37). هذا هو كفاح الانفصال . ففي مرثاة المسيح يسكب الله قلبه . إنه الوداع الخفي لمحبة الله الصابرة المتمهلة. ML 585.4