مشتهى الأجيال

494/684

ابنان

قال: “ماذا تظنون؟ كان لإنسان إبنان، فجاء إلى الأول وقال: “يا ابني، اذهب اليوم اعمل في كرمي. فأجاب وقال: ما أريد. ولكنه ندم أخيراً ومضى. وجاء إلى الثاني وقال كذلك. فأجاب وقال: ها أنا يا سيّد. ولم يمض. فأي الاثنين عمل إرادة الأب؟” (متى 21 : 28 — 31). ML 559.1

هذا السؤال المقتضب من يسوع جعل سامعيه يؤخذون على غرة . لقد تتبعوا المثل بكل انتباه ثم قالوا حالا: “الأول”. إذ ذاك ثبت يسوع نظره عليهم ثم أجابهم بنغمات متجهمة وقورة قائلا: “الحق أقول لكم: إن العشّارين والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله، لأن يوحنا جاءكم في طريق الحق فلم تؤمنوا به” (متى 21 : 31، 32). ML 559.2

إن الكهنة والرؤساء لم يسعهم إلاّ أن يقدموا إجابة صحيحة عن سؤال المسيح . وهكذا عرف رأيهم في تحبيذ مسلك الابن الأول . إن هذا الابن يمثل العشارين الذين كان الفريسيون يحتقرونهم ويرفضونهم . لقد كان العشارون فاسدين جدا . نعم إنهم كانوا متعدين شريعة الله ، وقد برهنوا في حياتهم على مقاومتهم الشديدة لمطاليب الله . كانوا غير شاكرين وأشرارا ، وعندما طلب منهم أن يذهبوا ليعملوا في كرم الله رفضوا بكل إباء وازدراء . ولكن عندما جاء يوحنا يكرز بالتوبة والمعمودية قبل العشارون رسالته واعتمدوا. ML 559.3

أما الابن الثاني فيمثل قادة الأمة اليهودية . لقد تاب بعض الفريسيين وقبلوا معمودية يوحنا ، ولكن الرؤساء رفضوا الاعتراف به كمن هو مرسل من قبل الله . ولم تستطع إنذاراته وتوبيخاته أن تجعلهم يصلحون أنفسهم وأخطاءهم . لقد “رفضوا مشورة الله من جهة أنفسهم، غير معتمدين منه” (لوقا 7 : 30). لقد قابلوا رسالته بمنتهى الازدراء . وكالابن الثاني الذي عندما وجهت إليه الدعوة قال: “ها أنا يا سيد” ولكنه لم يذهب، كذلك الكهنة والرؤساء أعلنوا الطاعة ولكنهم ارتكبوا العصيان . لقد صرحوا بتصريحات عظيمة عن التقوى وادعوا أنهم يطيعون شريعة الله ولكنهم قدموا طاعة زائفة . لقد شهر الفريسيون بالعشارين ولعنوهم واعتبروهم ملحدين ، ولكن أولئك العشارين برهنوا بإيمانهم وأعمالم على استحقاقهم لدخول ملكوت السماوات قبل أولئك الرؤساء الأبرار في أعين أنفسهم الذين قد أعطي لهم نور عظيم ، ولكن أعمالهم لم تكن مطابقة لاعترافهم بالتقوى. ML 559.4

لم يكن الكهنة ولا الرؤساء يرغبون في الاستماع لهذه الحقائق الفاحصة ، ومع ذلك فقد ظلوا صامتين على أمل أن يسمعوا من يسوع ما أمكن أن يتخذوه ذريعة ضده. ولكن بقي شيء آخر كان عليهم أن يسمعوه. ML 560.1