مشتهى الأجيال
جلال السماء
أبكم الكهنة والكتبة والرؤساء جميعا . ففي حيرتهم وخيبتهم وقفوا مقطبين وعابسين وهم لا يجسرون على تقديم أسئلة جديدة للمسيح . وبسبب جبنهم وترددهم أضاعوا حقهم في توقير الشعب الذين وقفوا بالقرب منهم يتسلون برؤية أولئك الرجال المتكبرين الأبرار في أعين أنفسهم وقد جللتهم الهزيمة والعار. ML 557.4
إن كل أقوال المسيح وأعماله هذه كانت هامة . وكان تأثيرها سيمتد ويزيد إلى درجة عظيمة بعد صلبه وصعوده . فكثيرون ممن كانوا بفارغ الصبر ينتظرون نتيجة استجواب يسوع كانوا سيجذبون إليه أخيرا ليصيروا له أتباعا وتلاميذ ، وكانوا قد جذبوا إليه أولاً بقوة أقواله التي كانوا قد سمعوها منه في ذلك اليوم الكثير الوقائع . وما كان المشهد الذي رأوه في الهيكل ليزول من أذهانهم . وقد لاحظوا الفرق العظيم بين يسوع وبين رؤساء الكهنة وهو يناقشهم . كان رئيس الكهنة المتكبر متسربلا بثياب ثمينة غالية الثمن ، وكان يلبس على رأسه إكليلا يتلألأ متألقا ، وكانت طلعته مهيبة وكان شعر رأسه ولحيته طويلا وأشيب من طول السنين ، وكانت هيئته توقع الخوف في قلوب من يرونه . فأمام هذه الشخصية المهيبة وقف جلال السماء عاريا عن كل زينة أو تفاخر . وكانت ثيابه متسخة من وعثاء السفر ، وكان وجهه شاحبا يعبر عن الحزن الصبور . ولكن كان يرى مسطورا على ذلك المحيا آيات العظمة والإحسان التي أبانت الفرق الشاسع بينه وبين هيئة رئيس الكهنة المتكبر الغضوب الواثق بنفسه . إن كثيرين ممن قد سمعوا أقوال يسوع وشاهدوا أعماله في الهيكل ادخروا كل ذلك ككنز في قلوبهم وقبلوه كنبي مرسل من الله . ولكن عندما اتجه الشعور العام في صالح يسوع زادت كراهية الكهنة له وتفاقمت . وإن الحكمة التي بها تحاشى يسوع الوقوع في الأشراك المنصوبة له والتي كانت برهانا جديدا على ألوهيته زادت نار غضب أعدائه اشتعالا. ML 558.1
إن المسيح في نضاله مع المعلمين لم يكن يرمي إلى إذلال خصومه . ولم يكن مما يبهجه أن يراهم في مركز حرج . كان لديه درس هام أراد أن يعلمه للشعب . لقد أذل أعداءه بكونه جعلهم يؤخذون في الشرك الذي قد نصبوه لاصطياده . إن اعترافهم بأنهم يجهلون صفة معمودية يوحنا أعطاه مجالا للكلام ، وقد أحسن استخدام تلك الفرصة بكونه أبان لهم موقفهم على حقيقته إذ قدم لهم إنذارا جديدا بالإضافة إلى كل الإنذارات السالفة. ML 558.2