مشتهى الأجيال
موكب رائع
اتبع المسيح العادة الهودية التي كانت تراعى عند دخول الملوك ، فقد ركب دابة كما قد اعتاد ملوك إسرائيل أن يفعلوا . وكانت النبوة قد سبقت فأنبأت بأن مسيا ينبغي أن يدخل مملكته بهذه الكيفية . وما أن ركب يسوع على الجحش حتى ارتفعت هتافات الانتصار إلى عنان السماء وشقت أجواز الفضاء . وقد حيته الجموع كمسيا ملكهم . قبل المسيح الآن الولاء الذي لم يسبق له أن سمح به ، كما قبل التلاميذ هذا كبرهان على أن انتظاراتهم المفرحة ستتحقق إذ يرونه جالسا على العرش . وقد كانت الجموع تعتقد أن ساعة تحررهم قد أذنت ، وحملهم الخيال على أجنحته فرأوا كأن جيوش الرومان قد طردت من أورشليم وكأن دولة إسرائيل قد عاد إليها استقلالها . كان الجميع متهللين وفي حالة اهتياج جعل الناس يتسابقون في إظهار ولائهم للسيد . لم يستطيعوا إبداء مظاهر الأبهة والجلال الخارجيين بل قدموا له سجودا من قلوبهم الفرحة . ومع أنهم لم يستطيعوا تقديم الهدايا الغالية الثمن له فقد فرشوا ثيابهم الخارجية في طريقه كبساط ، كما فرشوا أغصان الزيتون وسعوف النخل في الطريق . لم يكونوا يستطيعون أن يتقدموا ذلك الموكب الانتصاري بالأعلام الملكية ولكنهم مع ذلك قطعوا أغصان النخل التي هي رمز النصرة في عالم الطبيعة وجعلوا يلوحون بها عاليا مصحوبة بالهتافات والتسبيحات. ML 535.1
وفيما كانوا يتقدمون كان الموكب يكبر ويتزايد إذ أسرع لينضم إليهم كثيرون ممن سمعوا بمجيء يسوع . وكان كثيرون من المتفرجين ينضمون إلى ذلك الجمع بلا انقطاع وقد سألوا قائلين: من هذا ، وما معنى كل هذا الهرج والمرج ؟ كانوا كلهم قد سمعوا عن يسوع وكانوا ينتظرون أنه سيصعد إلى أورشليم ، ولكنهم كانوا يعلمون أنه كان قبل ذلك قد أحبط كل المحاولات لإجلاسه على العرش ، ولذلك فقد اندهشوا بشدة حين علموا أن ذلك الموكب هو موكبه ، وتساءلوا عن السبب الذي أحدث هذا التحول فيه بعدما أعلن أن ملكوته ليس من هذا العالم. ML 535.2
لكن هتافات الانتصار أسكتت تساؤلاتهم ، فردد الشعب المشتاق هذا الهتاف مرارا وتكرارا ، كما اشترك فيه الشعب من بعيد ومن قريب ، فرددت صداه الأودية والتلال المجاورة. وها جموع كثيرة قادمة من أورشليم تنضم إلى الموكب . فمن بين الجماهير المجتمعة لإحياء عيد الفصح خرجت آلاف الناس لاستقبال يسوع ، وكانوا يحيونه بالتلويح بسعوف النخل وترديد الأغاني المقدسة . وإذ حان موعد الخدمة المسائية في الهيكل جعل الكهنة ينفخون في الأبواق يدعون الناس إليها ، ولكن الذين استجابوا لذلك النداء كانوا أقلية ضئيلة . فقال الرؤساء بعضهم لبعض في رعب: “هوذا العالم قد ذهب وراءه!” (يوحنا 12 : 19). ML 536.1