مشتهى الأجيال
القيم الحقيقية
فرح الكهنة فرحا عظيما. كان قد أعطي لقادة إسرائيل هؤلاء امتياز قبول المسيح كمخلصهم بلا فضة وبلا ثمن . ولكنهم رفضوا قبول العطية الثمينة المقدمة لهم بروح المحبة الرقيقة الآسرة . رفضوا قبول ذلك المخلص الذي هو أثمن من الذهب واشتروا سيدهم وربهم للموت بثلاثين من الفضة. ML 528.1
كان الطمع متمكنا من قلب يهوذا إلى حد أنه قضى على كل الصفات الجميلة والخلال النبيلة في قلبه. فقد تذمر على تلك المرأة التي قدمت طيبها ليسوع ، واضطرمت في قلبه نيران الحسد للمخلص الذي قدمت له هدية تليق بملوك الأرض ، كما أسلم سيده لقاء مبلغ أقل بكثير من ثمن قارورة الطيب. ML 528.2
لكن التلاميذ لم يكونوا كيهوذا ، فلقد أحبوا مخلصهم. لكنهم لم يقدروا صفاته السامية التقدير اللائق . فلو كانوا قد تحققوا ما قد صنعه لأجلهم لما كانوا يعتبرون أي عمل أو أية تضحية تقدم له على أنها تلفت أو ذهبت ضياعا . إن المجوس القادمين من المشرق والذين لم يكونوا يعرفون عن يسوع غير النزر اليسير قدروا المجد والكرامة اللائقين به تقديرا أصدق ، فقدموا للمخلص هداياهم الثمينة وخروا ساجدين أمامه وهو بعد طفل مضطجع في مذود. ML 528.3
إن المسيح يقدر أعمال العطف والمحبة النابعة من القلب. فمتى أسدى إليه أي إنسان معروفا فإنه يباركه برقة ولطف سماويين أنه لم يرفض قط أصغر زهرة قدمها إليه أي طفل صغير في محبة . لقد تقبل عطايا الأولاد وباركهم وكتب أسماءهم في سفر الحياة إن دهن مريم لجسد يسوع بالطيب ذكر في الكتاب للتمييز بينها وبين باقي المريمات . إن أعمال المحبة والتكريم ليسوع هي برهان الإيمان به كابن الله . والروح القدس يذكر أن البرهان على ولاء المرأة للمسيح هو خدمة المحبة “إن تكن قد .. غسّلت أرجل القديسين، ساعدت المتضايقين، اتّبعت كل عمل صالح” (1 تيموثاوس 5 : 10). ML 528.4
سر المسيح برغبة مريم الحارة في أن تعمل إرادة سيدها. لقد قبل منها ثروة المحبة النقية الطاهرة التي لم يفهمها تلاميذه ولا أرادوا أن يفهموها . إن رغبة مريم في تقديم هذه الخدمة لسيدها كانت بالنسبة للمسيح أغلى قيمة من كل الطيب الغالي الثمن في كل العالم لأن تلك الرغبة عبرت عن تقديرها العظيم لفادي العالم. كانت محبة المسيح تحصرها ، وجمال صفات المسيح التي لا مثيل لها يملأ نفسها ، فكان الطيب رمزا لقلب تلك التي قدمته . كما أنه كان المظهر الخارجي لتلك المحبة التي اغتذت من ينابيع السماء حتى فاضت. ML 528.5
إن عمل مريم كان هو الدرس الذي احتاجه التلاميذ ليريهم أن تعبيرهم عن محبتهم للمسيح يبهج قلبه. لقد كان هو كل شيء لهم ، ولكنهم لم يكونوا مدركين أنهم بعد قليل سيحرمون من حضوره ، ولن تكون لهم فرصة فيها يقدمون له الشكر اللائق على محبته العظيمة لهم . إن وحشة المسيح وهو متغرب عن السماء وساكنيها وعائش كما يعيش الناس- كل هذا لم يدركه التلاميذ ولا قدروه كما كان ينبغي لهم أن يفعلوا . وكان من دواعي حزنه في أحيان كثيرة أن تلاميذه لم يقدموا له ما كان يجب أن يقدموه . كما عرف أنهم لو كانوا تحت تأثير ملائكة السماء الذين كانوا يرافقونه دائما لما كانوا هم أيضاً يعتبرون أية تقدمة ذات قيمة كافية للتعبير عن محبة قلوبهم له. ML 529.1