مشتهى الأجيال

440/684

على فراش الموت

ولكن الحزن دخل إلى ذلك البيت الهادئ الذي فيه استراح يسوع. ذلك أن لعازر أصيب بمرض مفاجئ فأرسلت أختاه إلى المخلص قائلتين: “يا سيد، هوذا الذي تحبه مريض” (يوحنا 11 : 3). لقد شاهدتا المرض يهجم على أخيهما بكل قسوة ، ولكنهما مع ذلك كانتا تعرفان أن المسيح قد برهن على قدرته على شفاء كل الأمراض . وكانتا موقنتين أنه سيعطف عليهما في شدتهما ولذلك لم تشددا عليه في الإسراع بالحضور بل اكتفتا بإرسال تلك الرسالة الواثقة إليه . وقد ظنتا أنه سيستجيب لرسالتهما حالا وسيجيء إلى بيت عنيا بأسرع ما يمكن. ML 495.1

وبكل جزع جلستا تنتظرا رسالة من يسوع. وطالما كان أخوهما على قيد الحياة جعلتا تصليان منتظرتين قدوم سسوع . ولكن الرسول عاد بدونه . ومع ذلك فقد جاءهما برسالة تقول: “هذا المرض ليس للموت” (يوحنا 11 : 4). فتعلقتا بهذا الأمل وهو أن أخاهما سيعيش . وبكل رقة وحب حاولتا التحدث إلى أخيهما الذي كان يفقد الوعي بكلام الرجاء والتشجيع . فلما مات لعازر أصيبت الأختان بالخيبة المريرة ، ومع ذلك كانتا تحسان بأننعمة المسيح تسندهما وهذا حفظهما من أن تعودا باللائمة على المخلص. ML 495.2

عندما سمع المسيح رسالة الأختين ظن التلاميذ أنه قد تلقاها بفتور. فلم يبد عليه الحزن الذي كانوا يتوقعون أنه سيظهره . وإذ نظر إليهم قال: “هذا المرض ليس للموت، بل لأجلي مجد الله، ليتمجّد ابن الله به” (يوحنا 11 : 4). وقد مكث في الموضع الذي كان فيه يومين . كان هذا التأخير سرا استغلق على التلاميذ فهمه . إذ كم كان يمكن أن يكون وجود المسيح هنا مع الأختين الحزينتين المتألمتين سبب عزاء لقلبيهما الجريحين . كان التلاميذ يعلمون مقدار المحبة العظيمة التي كان الفادي يضمرها لتلك الأسرة القاطنة في بيت عنيا، ولذلك اندهشوا عندما رأوه لا يستجيب لتلك الرسالة المحزنة “هوذا الذي تحبّه مريض”. ML 495.3

وظهر كأن المسيح قد أغفل الرسالة التي تسلمها منذ يومين ، لأنه لم يتكلم عن لعازر .وقد ذكر التلاميذ يوحنا المعمدان سابق المسيح . وقد تساءلوا لماذا سمح يسوع بأن يذوي يوحنا ويذبل في السجن ويموت تلك الميتة القاسية الرهيبة مع ما له من قوة عظيمة على عمل المعجزات المدهشة . وما دام المسيح يملك مثل هذه القوة فلماذا لم ينقذ حياة يوحنا؟ وكثيرا ما سأل الفريسيون هذا السؤال وقدموه على أنه حجة لا تُردّ ضد ادعاء المسيح بأنه ابن الله . كان المخلص قد أنذر تلاميذه بوقوع التجارب والخسائر والاضطهاد عليهم . فهل سيتركهم في تجاربهم؟ لقد جعل بعضا منهم يتساءلون فيما إذا كانوا قد أخطاوا فهم رسالته واضطربوا جميعهم اضطرابا عظيما. ML 495.4