مشتهى الأجيال
“ الحاجة إلى واحد”
وإذ كان المسيح ينطق بتعاليمه العجيبة كانت مريم تجلس عند قدميه لتصغي إلى كلامه بخشوع وتعبد. وفي ذات مرة إذ كانت مرثا مرتبكة في إعداد الطعام ذهبت إلى المسيح قائلة: “يا رب، أما تبالي بأن أختي قد تركتني أخدم وحدي؟ فقل لها أن تعينني!” (لوقا 10 : 40). كان ذلك هو الوقت لأول زيارة يقوم بها المسيح لبيت عنيا . كان المخلص وتلاميذه قد انتهوا من سفرتهم المضنية من أريحا سيرا على الأقدام . وكانت مرثا مهتمة بتوفير الراحة لهم ، وفي جزعها نسيت أن تبدي اللياقة والكياسة لضيفها . وقد أجابها يسوع بلطفه وصبره المعهود قائلا لها: “مرثا، مرثا، أنت تهتمين وتضطرين لأجل أمور كثيرة، ولكن الحاجة إلى واحد. فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها” (لوقا 10 : 41، 42). لقد كانت مريم تختزن في عقلها الأقوال الثمينة التي كان المخلص ينطق بها والتي كانت تعتبرها أثمن من أثمن لآلئ العالم وجواهره. ML 494.1
أما ذلك الشيء “ الواحد” الذي كانت تحتاجه مرثا فكان هو الروح المتعبد الهادئ ، واللهفة العميقة في طلب المعرفة عن المستقبل وحياة الخلود والفضائل اللازمة للنمو والتقدم الروحي. كانت بحاجة إلى التقليل من جزعها على الأشياء الزائلة وزيادة الاهتمام بما يبقى إلى الأبد . إن يسوع يريد أن يعلم أولاده أن ينتهزوا كل فرصة لاقتناء المعرفة التي تُحكِّمهم للخلاص . إن ملكوت المسيح يحتاج إلى عمال حريصين نشيطين . يوجد حقل واسع لمن يشبهن مرثا في غيرتهن على العمل الديني النشيط . ولكن عليهن أن يجلسن أولا مع مريم عند قدمي يسوع . ليتقدس الاجتهاد والحزم والنشاط بنعمة المسيح . وحينئذ تصير الحياة قوة عاملة للخير لا تُقهر. ML 494.2