مشتهى الأجيال

429/684

الفصل السادس والخمسون—يسوع يبارك الأولاد

كان يسوع دائما محبا للأولاد. وقد قبل عطفهم الصبياني ومحبتهم الصريحة غير المتصنعة . وتسبيحاتهم الجميلة الخارجة من شفاه طاهرة كانت موسيقى عذبة لمسمعه انتعشت لها روحه عندما كان محاطا بالناس الماكرين المنافقين . وأينما ذهب المخلص كانت الشفقة البادية على محياه ومعاملته المشفقة اللطيفة كفيلة بأن تجعله يكسب الأولاد وثقتهم. ML 482.1

كان أمرا عاديا ومألوفا لدى اليهود أن يؤتى بالأولاد إلى أحد المعلمين ليضع يديه عليهم ويباركهم. ولكن تلاميذ المخلص ظنوا أن عمله أهم من أن يقاطع بهذه الكيفية . وعندما قدمت الأمهات أولادهن إليه نظر التلاميذ إلى أولئك الصغار نظرة ازدراء إذ ظنوا أن الأولاد أصغر من أن ينتفعوا بمجيئهم إلى يسوع واستنتجوا أنه سيستاء من قدومهم إليه . ولكنه اغتاظ من التلاميذ . لقد عرف المخلص عبء الأمهات ومسؤولية رعايتهن لصغارهن إذ كن حريصات على تربيتهم بحسب كلمة الله . فسمع صلواتهن . وهو الذي اجتذبهن إلى حضرته. ML 482.2

إن إحدى تلك الأمهات تركت بيتها وأتت بطفلها إلى حيث كان يسوع ، وفيما كانت سائرة في طريقها إليه أخبرت إحدى جاراتها بمهمتها فرغبت هذه أن تأتي بأولادها إلى يسوع لينالوا بركته ، وهكذا اجتمعت كثيرات من الأمهات وأتين بأولادهن الصغار. كان بعض أولئك الأولاد قد تخطوا دور الطفولة وبلغوا دور الصبا والشباب . وعندما أعلنت الأمهات عن رغبتهن سمعهن يسوع بكل عطف وهن يقدمن طلبهن بكل خوف والدموع تنهمر من عيونهن . ولكنه انتظر ليرى كيف سيعاملهن التلاميذ . فعندما رآهم يبعدون الأمهات بأولادهن ظانين أنهم بذلك يسدون إلى المخلص معروفا أبان لهم خطأهم قائلا قوله الخالد: “دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله” (مرقس 10 : 14). فأخذ الأولاد بين ذراعيه ووضع يديه عليهم ومنحهم البركة التي جاءوا يطلبونها. ML 482.3

تعزت الأمهات ، وعدن إلى بيوتهن وقد نلن من كلام المسيح قوة وبركة ، كما تشجعن على حمل أعبائهن بفرح جديد وعولن على خدمة أولادهن ممتلئة قلوبهن بالآمال المشرقة . فعلى أمهات اليوم أن يقبلن كلام السيد بنفس ذلك الإيمان . إن المسيح هو بالتأكيد مخلص شخصي اليوم كما كان عندما عاش إنسانا بين الناس . وهو بلا شك معين الأمهات اليوم كما كان عندما احتضن الأولاد الصغار بين ذراعيه في اليهودية . لقد اقتنى أطفالنا بدمه كما اقتنى الأولاد الذين عاشوا قديما سواء بسواء. ML 483.1