مشتهى الأجيال
دروس من المعلم الأعظم
نطق المسيح بكثير من الأمثال في خلال أشهر خدمته الاخيرة . وكان الكهنة والمعلمون يتعقبونه بمرارة زائدة وكان هو يخفي إنذاراته لهم تحت الرموز . ولم يخطئوا فهم معاني أقواله ومع ذلك فلم يجدوا فيها ما يمكن أن يبنوا عليه تهمة يوجهونها إليه . وفي مثل الفريسي والعشار كانت صلاة الفريسي المتكل على نفسه وبره التي قال فيها: “اللهم أنا أشكرك أني لست مثل باقي الناس” على نقيض توسل العشار التائب الذي صرخ قائلاً: اللهم ارحمني، أنا الخاطئ” (لوقا 18 : 11 و 13). وهكذا وبخ المسيح رياء رؤساء اليهود. وتحت رمز التينة العقيمة والعشاء العظيم تنبأ عن الهلاك العظيم الموشك أن ينقض على تلك الأمة غير التائبة . وأولئك الذين رفضوا بكل ازدراء قبول الدعوة إلى وليمة الإنجيل سمعوا منه كلمات الإنذار القائلة: “أقول لكم: إنه ليس واحد من أوائك الرجال المدعوين يذوق عشائي” (لوقا 14 : 24). ML 468.2
كانت التعاليم التي تلقنها التلاميذ عظيمة القيمة جدا . وإن مثل الأرملة اللجوجة والصديق الطارق في نصف الليل ملتمسا خبزا اعطيا قوة لكلام السيد القائل: “اسألوا تعطوا، اطلبوا تجدوا، اقرعوا يفتح لكم” (لوقا 11 : 9). وفي أحيان كثيرة كان إيمان التلاميذ المتزعزع يتقوى عندما كانوا يذكرون قول المسيح: “أفلا ينصف الله مختاريه، الصارخيم إليه نهاراً وليلاً، وهو متمهل عليهم؟ أٌول لكم: إنه ينصفهم سريعاً!” (لوقا 18 : 7 و 8). ML 468.3
كرر المسيح مثل الخروف الضال ، ذلك المثل الجميل حمل معناه إلى مدى بعيد عندما نطق بمثل الدرهم المفقود والابن الضال . لم يكن التلاميذ يقدرون قيمة هذه الدروس ولا قوتها التقدير الكامل اللائق بها ، ومن بعد انسكاب الروح القدس عليهم إذ رأوا الأمم ينضمون إلى حظيرة الملكوت أفواجا ، الأمر الذي أثار غضب اليهود وحسدهم ، فهموا حينئذ، فهما أفضل ، مثل الابن الضال والدروس التي يمكن استخلاصها منه ، وأمكنهم أن يحسوا بهزة الفرح الظاهرة في كلام المسيح عندما قال: “كان ينبغي أن نفرح ونسر”، “لأن ابني هذا كان ميتاً فعاش، وكان ضالاً فوجد” (لوقا 15 : 32، 24). وعندما خرجوا باسم سيدهم ليواجهوا الشر والفقر والاضطهاد كانوا كثيرا ما يسندون قلوبهم بترديد كلامه الذي نطق به في رحلته الأخيرة هذه حين قال: “لا تخف، أيها القطيع الصغير، لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت. بيعوا ما لكم وأعطوا صدقة. اعملوا لكم أكياساً لا تفنى وكنزاً لا ينفذ في السموات، حيث لا يقرب سارق ولا يبلى سوس، لأنه حيث يكون كنزكم هناك يكون قلبكم أيضاً” (لوقا 12 : 32 — 34). ML 468.4