مشتهى الأجيال
عقول مستنيرة
إن شرفاء هذا العالم ومن يدعون عظماء وحكماء بكل حكمتهم التي يفخرون بها لم يستطيعوا أن يدركوا صفة المسيح . لقد حكموا عليه حسب مظهره الخارجي واتضاعه كإنسان . ولكن الصيادين والعشارين هم الذين أُعطي لهم أن يروا ما لا يرى . بل حتى التلاميذ أنفسهم لم يستطيعوا أن يفهموا كل ما أراد يسوع أن يعلنه لهم . ولكن من حين لآخر عندما أخضعوا أنفسهم لقوة الروح القدس استنارت عقولهم . وتحققوا أن الله القدير ، متسربلا بثوب البشرية ، كان في وسطهم . فرح يسوع لأنه مع كون هذه المعرفة قصرت عن إدراكها عقول الحكماء والفهماء فقد أعلنت لهؤلاء الناس المساكين الوضعاء . ومرارا كثيرة عندما كان يشرح لهم ما جاء في اسفار العهد القديم ويريهم أن ما ورد فيها ينطبق عليه وعلى عمل الكفارة كان روحه يوقظهم ويرفعهم إلى جو سماوي . أما التعاليم الروحية التي نطق بها الأنبياء فقد فهمها التلاميذ فهما أوضح ممن قد كتبوها أصلا . وكانوا بعد ذلك يقرأون أسفار العهد القديم ليس على أنها شبيهة بتعاليم الكتبة والفريسيين ولا كأقوال الحكماء الذين قد واراهم التراب بل كانوا يقرأونها على أنها إعلان جديد من الله . لقد شاهدوا ذاك: “الذي لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم” (يوحنا 14 : 17). ML 457.1
إن الطريقة الوحيدة التي بها يمكننا الحصول على مزيد من الإدراك الكامل للحق هي حفظ القلب رقيقا وخاضعا بواسطة روح المسيح . ينبغي أن تتطهر النفس من البطل والكبرياء ومن كل الأشياء التي استعبدتها . كما ينبغي أن يجلس المسيح على عرش النفس. إن المعرفة البشرية محدودة بحيث تقصر عن فهم الكفارة . وإن تدبير الفداء سامٍ جدا وشامل حتى أن الفلسفة يقصر باعها دون الوصول إليه أو إيضاحه . وسيظل إلى الأبد سرا يعجز جبابرة الحقول عن سبر غوره . إن علم الخلاص لا يمكن إيضاحه ، إنما يمكن معرفته بالاختبار . والذي يرى شر قلبه هو وحده الذي يفهم قيمة المخلص العظيمة. ML 457.2
كانت الدروس التي نطق بها المسيح غنية بالتعليم فيما سار على مهل من الجليل إلى أورشليم . وكان الناس يصغون إلى كلامه بكل لهفة واهتمام . وفي بيرية كما في الجليل كان تعصب اليهود أخف وطأة على الناس مما في اليهودية . فاستجابت قلوب الناس لتعاليمه. ML 468.1