مشتهى الأجيال

412/684

إرسال السبعين

“وقام من هناك وجاء إلى تخوم اليهودية من عبر الأردن. فاجتمع إليه جوع إيضاً، وكعادته كان أيضاً يعلّمهم” (مرقس 10 : 1). ML 462.3

قضى المسيح الجانب الأكبر من شهور خدمته في بيرية “في عبر الأردن” بعيداً عن اليهودية . وفي ذلك المكان تبعته الجموع كما حدث عند بدء خدمته في الجليل كما ردد كثيرا عن تعاليمه السالفة. ML 462.4

وكما أرسل الاثني عشر كذلك عين “سبعين آخرين أيضاً، وأرسلهم اثنيت اثنين أمام وجهه إلى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزعماً أن يأتي” (لوقا 10 : 1). لقد ظل هؤلاء التلاميذ ملازمين ليسوع بعض الوقت لكي يتدربوا على القيام بخدمة الملكوت وحين أرسل التلاميذ الاثنا عشر في حملتهم الأولى المنفصلة كان تلاميذ آخرون يرافقون يسوع وهو يجول في بلاد الجليل . وهكذا تمتعوا بامتياز الصحبة الوثيقة معه والتعلم منه مباشرة . أما الآن فقد حان الوقت الذي فيه يخرج هذا العدد الأكبر من التلاميذ في حملة منفصلة. ML 462.5

إن التوجيهات التي قدمها السيد للتلاميذ السبعين كانت قريبة الشبه بتلك التي قدمها للاثني عشر ، إلا إنه سمح لهم بزيارة مدن الأمم والسامريين وكان هذا مغايرا لما أوصى به الاثنى عشر . ومع أن السامريين قد رفضوه وطردوه من تخومهم منذ عهد قريب فإن محبته لهم لم تتغير . فلما خرج السبعون باسمه زاروا أول ما زاروا مدن السامرة. ML 462.6

إن زيارة المخلص نفسه للسامرة ، والمثل الذي نطق به بعد ذلك في مدح السامري الصالح ، ومجيء السامري الأبرص ليشكر المسيح الذي شفاه إذ لم يرجع من أولئك العشرة الذين قد شفاهم سواه ليقدم له شكر قلبه- كل هذه الأمور كانت حوادث ذات مغزى في نظر التلاميذ ، فرسخ ذلك الدرس في أذهانهم . وفي وصية المسيح لهم قبيل صعوده ذكر لهم السامرة مع أورشليم واليهودية ضمن الأماكن التي كان عليهم أن يقدموا لها رسالة الإنجيل أولا . وقد أعدتهم تعاليمه لتنفيذ تلك الوصية . فلما ذهبوا باسم لسيدهم إلى بلاد السامرة كان الناس مستعدين لقبولهم والترحيب بهم . كان السامريون قد سمعوا عن كلمات المديح التي نطق بها المسيح وأعمال الرحمة التي عملها مع بعض مواطنيهم ، ورأوا أنه برغم الجفاء الذي عاملوه به كان لا يزال يحبهم وبذلك كسب قلوبهم . وبعد صعود المسيح رحب السامريون برسله فجمع التلاميذ حصادا ثمينا للنفوس من بين أولئك الذين كانوا قبلا ألد أعدائهم: “قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة خامدة لا يطفئ. إلى الأمان يخرج الحق”، “وعلى اسمه يكون رجاء الأمم” (إشعياء 42 : 3 ؛ متى 12 : 21). ML 463.1