مشتهى الأجيال

411/684

السامريون يرفضونه

“وأرسل أمام وجهه رسلاً، فذهبوا ودخلوا قرية للسامريين حتى يعدوا له” (لوقا 9 : 51). ولكن أهل تلك القرية رفضوا قبوله لأن وجهه كان متجها إلى أورشليم . وقد فسروا هذا على أن المسيح يفضل عليهم اليهود الذين كان السامريون يبغضونهم بغضة مريرة . فلو أنه جاء لكي يبني لهم الهيكل على جبل جرزيم ويعيد إليه العبادة لقبلوه بكل سرور ، ولكنه كان منطلقا إلى أورشليم فرفضوا إكرامه والترحيب به . ولم يكونوا يدرون أنهم بهذا التصرف قد ردوا عن أبوابهم أثمن هبة يمكن أن تقدمها السماء لبني الإنسان . لقد دعا يسوع الناس لقبوله وطلب منهم معروفا حتى يمكنه الاقتراب منهم ليقدم لهم أثمن البركات . فكل معروف أسدي إليه منح صاحبه أثمن النعم وأغناها . ولكن السامريين خسروا كل شيء بسبب تحاملهم وتعصبهم. ML 461.1

اغتاظ يعقوب ويوحنا رسولا المسيح أشد الغيظ من جراء الإهانة التي لحقت بسيدهما .فامتلآ غضبا لأن أولئك السامريين عاملوه بمثل ذلك الجفاء وتلك القسوة ، مع أنه كان قد أكرمهم بمجيئه إليهم . لقد كان ذانك التلميذان مع السيد فوق جبل التجلي منذ عهد قريب ورأياه ممجدا من الله ومكرما من موسى وإيليا . فهذه الإهانة من جانب السامريين كان ينبغي ألا تمر بدون قصاص رادع- هكذا ظن يعقوب ويوحنا. ML 461.2

فإذ أتيا إلى يسوع قصا عليه ما قاله لهما السامريون قائلين له إنهم قد رفضوا حتى قبوله ضيفا ليلة واحدة ، فأحسا بقسوة تلك الإهانة . وإذ رأيا جبل الكرمل على مسافة قريبة حيث كان إيليا قد قتل الأنبياء الكذبة قالا له: “يا رب، أتريد أن نقول أن تنزل نار من السماء فتفنيهم، كما فعل إيليا أيضاً؟” (لوقا 9 : 54). لكنهما اندهشا لأن يسوع تألم من كلامهما ، وزاد اندهاشهما عندما سمعاه ينتهرهما قائلا: “لستما تعلمان من أي روح أنتما! لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس، بل ليخلّص” (لوقا 9 : 55 و 56). فمضى إلى قرية أخرى. ML 461.3

ليس من شأن رسالة المسيح أن ترغم الناس على قبوله . إن الشيطان والناس الذين يدينون بمبادئه هم الذين يلجأون إلى القسر والإرغام لإخضاع ضمائر الناس . فالناس ML 461.4

المتحالفون مع الملائكة الأشرار يوقعون الآلام على بني جنسهم تحت ستار الغيرة على البر ليجعلوهم يدينون بمبادئهم ، ولكن المسيح يصنع رحمة دائما ويحاول كسب القلوب بمحبته التي يظهرها للناس . إنه لا يسمح بوجود منافس له في القلب ولا يقبل خدمة ناقصة . ولكنه يقبل الخدمة الطوعية وتسليم القلب بمحض الاختيار تحت إلزام المحبة . إنه لا يوجد دليل أنصع يبرهن على أن فينا روح الشيطان أكثر من كوننا نحاول ايذاء وإهلاك كل من لا يشجعوننا في عملنا ومن يتصرفون تصرفا مناقضا لآرائنا. ML 462.1

كل كائن بشري هو ملك لله جسدا ونفسا وروحا . وقد مات المسيح ليفتدي الكل . إنه لا يوجد شيء أكثر اغاظة لله من أن يحاول الناس ، مدفوعين بدافع التعصب الديني ، أن يجلبوا الآلام والمتاعب على أولئك اللذين افتداهم المخلص بدمه. ML 462.2