مشتهى الأجيال

413/684

“ويل لك.”

وإذ أرسل يسوع تلاميذه السبعين أمرهم كما سبق له أن أمر الاثني عشر ألا يفرضوا أنفسهم على من لم يرحبوا بهم فقال: “وأية مدينة دخلتموها ولم يقبلوكم، فاخرجوا إلى شوارعها وقولوا: حتى الغبار الذي لصق بنا من مدينتكم ننفضه لكم. ولكن اعلموا هذا إنه قد اقترب منكم ملكوت الله” (لوقا 10 : 10، 11). ولكنهم لم يكونوا ليفعلوا ذلك مدفوعين بدافع الغضب أو لأن كبرياءهم قد جرحت ، بل لكي يبرهنوا لهم على شناعة رفضهم لرسالة الرب ورسله . فإن رفضهم لخدام الرب هو رفض للرب نفسه. ML 463.2

ثم أضاف يسوع: “وأقول لكم: إنه يكون لسدوم في ذلك اليوم حالة أكثر احتمالاً مما لتلك المدينة” (لوقا 10 : 12). وبعد ذلك انصرف تفكيره إلى مدن الجليل حيث قضى شطرا طويلا من سني خدمته . فبنغمة حزينة باكية صاح قائلا: “ويل لك يا كورزين! ويل لك يا بيت صيدا! لأنه لو صنعت في صور و صيداء القوات المصنوعة فيكما، لتابتا قديماً جالستين في المسوح والرماد. ولكن صور و صيداء يكون لهما في الدين حالة أكثر احتمالاً مما لكما. وأنت يا كفرناحوم المرتفعة إلى السماء! ستهبطين إلى الهاوية” (لوقا 10 : 13 — 15). ML 463.3

لقد أغدقت السماء أغنى بركاتها بكل سخاء على تلك المدن المتاخمة لبحر الجليل والمزدحمة بالسكان. ويوما بعد يوم كان رئيس الحياة يدخل ويخرج أمامهم . ومجد الله الذي اشتهى ملوك وأنبياء أن يروه أشرق على تلك الجموع التي كانت تتبع المخلص ، ومع ذلك فقد رفضوا هبة السماء. ML 464.1

إن معلمي إسرائيل الذين كانوا يدعون الحكمة حذروا الشعب من قبول التعاليم الجديدة التي كان يكرز بها هذا المعلم الجديد لأن تعاليمه وأعماله كانت مخالفة لما كان يعلم به الآباء . وقد صدق الشعب ما كان يعلم به الكهنة والفريسيون بدلا من أن يحاولوا فهم كلمة الله لأنفسهم . كانوا يكرمون الكهنة والرؤساء بدلا من إكرام الله ، ورفضوا الحق في سبيل الإبقاء على تقاليدهم . كثيرون تأثروا وكادوا يقتنعون ولكنهم لم يتعرفوا بموجب اقتناعهم ولم يقفوا إلى جانب المسيح . فلقد عرض الشيطان عليهم تجاربه إلى أن بدا النور أمامهم قريب الشبه بالظلام . وهكذا رفض كثيرون الحق الذي كان يمكن أن يخلص نفوسهم. ML 464.2

يقول الشاهد الأمين: “هأنذا واقف على الباب وأقرع...” (رؤيا 3 : 20). فكل إنذار أو توبيخ أو توسل في كلمة الله أو عن طريق رسله هو قرعة على باب القلب . إنه صوت يسوع يطلب الدخول . وفي كل مرة لا يكترث الإنسان فيها للقرع يصير ميله لفتح الباب أضعف مما كان . إن تأثيرات الروح القدس إذا أهملت اليوم لا يكون لها نفس القوة في الغد . والقلب يصبح أقل قبولا للتأثيرات وينزلق إلى حالة عدم المبالاة الخطرة تجاه قصر العمر ، وبمدى الأبدية العظيم . والحكم علينا في يوم الدين لن يكون لأننا كنا مخطئين بل لأننا أهملنا السماء وأضعنا الفرص التي كان يمكننا فيها تعلم الحق. ML 464.3