مشتهى الأجيال

402/684

واهب النور

فلأول مرة شخص الرجل في وجه من قد شفاه . إنه إذ كان واقفا يحاكم أمام مجمع الفريسيين رأى أبويه مضطربين ومرتبكين ، وكان ينظر إلى وجوه المعلمين العابسة . أما الآن فها هو يرى وجه يسوع المحب الذي يتجلى فيه السلام . لقد سبق له أن اعترف بأنه مرسل من السماء ومزود بسلطان إلهي وإن كان ذلك قد كلفه ثمنا غاليا . أما الآن فها هو يتلقى إعلان أسمى. ML 450.3

فإذ سأله المخلص قائلا: “أتؤمن بالله؟” أجابة الأعمى على سؤاله بسؤال آخر قائلا: “من هو يا سيد لأؤمن به؟” فأجابه يسوع بقوله: “قد رأيته، والذي يتكلم معك هو هو!” (يوحنا 9 : 35 — 37). فخر الرجل عند قدمي المسيح وسجد له . ففضلا عن كون الرجل عاد بصيرا فقد فتحت عين ذهنه وفهمه . لقد أعلن المسيح لنفس ذاك الرجل فقبله كمن هو مرسل من قبل الله. ML 450.4

وكان جمع من الفريسيين مجتمعين هناك ، فإذ رآهم يسوع ارتسم في ذهنه التباين الدائم الوضوح كنتيجة لأقواله وأعماله . فقال: “لدينونة أتيت أنا إلى هذا العالم، حتى يبصر الذي لا يبصرون ويعمى الذين يبصرون” (يوحنا 9 : 39). أتى يسوع ليفتح أعين العميان ولينير على الجالسين في الظلمة . لقد أعلن نفسه أنه نور العالم ، وكانت المعجزة التي أجريت حينئذ خير شاهد على صدق رسالته . إن من قد رأوا المخلص في مجيئه ، كان لهم امتياز الإعلان الأكمل عن الحضور الإلهي أكثر مما قد تمتع ببر العالم من قبل .لقد أعلنت معرفة الله كمال أزيد ، ولكن في نفس هذا الإعلان قضى بالدينونة على الناس إذ اختبرت أخلاقهم وتقرر مصيرهم. ML 451.1

إن إعلان القوة الإلهية التي منحت للأعمى بصرا طبيعيا وروحيا . ذلك الإعلان ترك الفريسيين في ظلمة أشد ادلهماماً . وإذ أحس بعض السامعين أن كلام المسيح ينطبق عليهم سألوه قائلين: “ألعلّنا نحن أيضاً عميان؟” فأجابهم يسوع: “لو كنتم عمياناً لما كانت لكم خطية”، أي لو كان الله قد جعل من المستحيل عليكم أن تروا الحق لما كان ينطوي على جهلكم خطية ، “ولكن الآن تقولون إننا نبصر”. أنتم تعتقدون أنكم قادرون على أن تبصروا ولكنكم ترفضون الوسيلة التي بها دون سواها يمكنكم الحصول على البصر . لقد أتى المسيح بمعونة غير محدودة لكل من يعرفون حاجتهم ويحسون ويعترفون بها . أما الفريسيون فلم يعترفوا بحاجة إلى شيء . ولذلك رفضوا الإتيان إلى المسيح فتُرِكوا في عماهم- العمى الذي تقع عليهم وحدهم تبعته . فقال لهم يسوع: “خطيتكم باقية” (يوحنا 9 : 40، 41). ML 451.2