مشتهى الأجيال
الفصل الثاني والخمسون—الراعي الإلهي
“أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف”. “أما أنا فإني الراعي الصالح، وأعرف خاصّتي وخاصّتي تعرفني” (يوحنا 10 : 11، 14). ML 452.1
وجد يسوع مرة أخرى سبيلا إلى عقول سامعيه عن طريق الأشياء المألوفة لديهم . لقد شبه تأثر الروح القدس بالماء البارد المنعش المروي ، كما شبه نفسه بالنور الذي هو مصدر الحياة والفرح للطبيعة والإنسان . أما الآن فهو يصور علاقته بمن يؤمنون به في صورة جميلة للراعي ورعيته . وكانت هذه الصورة مألوفة جدا لسامعيه . وقد قرنت كلمات المسيح هذه الصورة لشخصه إلى الأبد . وما من مرة كان التلاميذ فيها ينظرون إلى الرعاة وهم يحرسون أغنامهم إلا وكانوا يذكرون هذا الدرس الذي علمهم إياه المخلص . فكانوا يرون المسيح في شخص كل راع أمين ، وكانوا يرون أنفسهم ممثلين في كل قطيع عاجز يعتمد على راعيه. ML 452.2
طبق إشعياء النبي هذه الصورة على رسالة مسيا . ففي كلمات معزية يقول: “على جبل عال اصعدي، يا مبشرة صهيون. ارفعي صوتك بقوة، يا مبشرة أورشليم. ارفعي لا تخافي. قولي لمدن يهوذا: “هوذا إلهك .. كراع يرعى قطيعه. بذراعه يجمع الحملان، وفي حضنه يحملها، ويقود المرضعات” (إشعياء 40 : 9 — 11). وقد تغنى داود قائلاً: “الرب راعي فلا يعوزني شيء” (مزمور 23 : 1). وعلى لسان حزقيال أعلن الروح القدس قائلاً: “وأقيم عليها راعياً واحداً فيرعاها”، “وأطلب الضال، واسترد المطرود، وأجبر الكسير، وأعصب الجريح”، “وأقطع معهم عهد سلام”، “فلا يكونون بعد غنيمة للأمم .. بل يسكنون آمنين ولا مخيف” (حزقيال 34 : 23 و 16 و 25 و 28). ML 452.3
طبق المسيح هذه النبوات على نفسه . وأبان الفرق بين صفاته وصفات رؤساء إسرائيل. فمنذ قليل طرد الفريسيون من الحظيرة واحدا لأنه تجرأ على أن يشهد لقدرة المسيح . لقد قطعوا نفس إنسان كان الراعي الحقيقي يجتذبه إلى نفسه . وبهذا التصرف برهنوا على أنهم يجهلون العمل المسند إليهم وعلى أنهم غير جديرون بان يستأمنوا كرعاة على القطيع المسلم لهم . وقد أبان لهم يسوع الفرق بينهم وبين الراعي الصالح ، وأشار إلى نفسه كالحارس الحقيقي لقطيع الرب . وقبلما فعل ذلك تكلم عن نفسه في صورة أخرى . ML 452.4