مشتهى الأجيال

392/684

النور يكتسح الظلمة

في إعلان الله لشعبه كان النور دائما رمزا لحضوره . وبكلمته الخالقة في البدء أشرق نور من ظلمة . لقد كان النور محتجبا في عمود السحاب نهارا وعمود النار ليلا وهو يقود جيوش العبرانيين العظيمة . وقد أشرق النور بجلال رهيب حول الرب على جبل سيناء .استقر النور على غطاء التابوت في خيمة الاجتماع . كذلك ملأ النور هيكل سليمان عند تدشينه . وأشرق النور فوق تلال بيت لحم عندما أبلغ الملاك رسالة الفداء للرعاة الساهرين على رعيتهم. ML 439.1

الله نور ، فإذ قال المسيح: “أنا هو نور العالم” أعلن وحدانيته بالله وعلاقته بالأسرة البشرية جمعاء . وهو الذي في البدء أمر أَنْ “يشرق نور من ظلمة” (2 كورنثوس 4 : 6). إنه هو نور الشمس والقمر والنجوم . كان هو الضوء الروحي الذي أضاء على إسرائيل في الرموز والظلال والنبوات . ولكن النور لم يعط للأمة الإسرائيلية وحدها . فكما أن أشعة الشمس تصل إلى أقصى زوايا الأرض كذلك يشرق نور شمس البر على كل نفس. ML 439.2

“كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتياً إلى العالم”. لقد كان للعالم معلموه العظام وكانوا رجالا من جبابرة العقول ولهم بحوث عظيمة مدهشة ، وهم الذين قد أيقظت أقوالهم الفكر الإنساني وفتحت أمام الناس مجالات المعرفة الواسعة ، فحصل أولئك الناس على كرامة عظيمة كقادة للفكر البشري وكمحسنين . ولكن هنالك من يسمو عليهم جميعا ، “وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله”. “الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر” (يوحنا 1 : 12 و 18). يمكننا أن نتتبع صفوف معلمي العالم العظماء منذ فجر التاريخ. ولكن النور سبق وجودهم . فكما أن القمر والنجوم في النظام الشمسي تضيء بالنور المنعكس عليها من الشمس ، فكذلك مفكرو العالم العظام على قدر ما عندهم من تعليم صحيح يعكسون نور شمس البر . فكل درة من درر الأفكار وكل نور من أنوار العبقرية والنبوغ هو مقتبس من نور العالم . في هذه الأيام نسمع الكثير عن “التعليم العالي”، ولكن “التعليم العالي” الحقيقي هو مستمد من ذلك “المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم” الذي “فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس” (كولوسي 2 : 3 ؛ يوحنا 1 : 4). لقد قال يسوع: “من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة” (يوحنا 8 : 12). ML 439.3