مشتهى الأجيال
الفصل الحادي والخمسون— “نور الحياة”
“ثم كلّمهم يسوع أيضاً قائلاً: أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة” (يوحنا 8 : 12). ML 438.1
عندما تكلم يسوع بهذا الكلام كان في رواق الهيكل الذي له علاقة خاصة بخدمة عيد المظال . في وسط هذا الرواق نصب عمودان عاليان علقت فيهما منارتان كبيرتا الحجم .فبعد خدمة المساء كانت تنار المصابيح فترسل أنوارها إلى مدينة أورشليم . وكانت هذه الخدمة تذكارا لعمود النور الذي قاد العبرانيين في البرية ، كما كان يشير إلى مجيءمسيا . ففي المساء عندما أضيئت الأنوار كانت تلك الدار مسرحا للفرح العظيم . فالرجال الذين كلل الشيب رؤوسهم وكهنة الهيكل ورؤساء الشعب اتحدوا معا في الرقص المبهج على أصوات آلات الطرب وأغاني اللاويين. ML 438.2
وإذ استنارت المدينة بذلك النور عبر الشعب عن أملهم في مجيء مسيا ليضيء بنوره على إسرائيل . أما بالنسبة إلى يسوع فقد كان لذلك معنى أوسع . فكما أن مصابيح الهيكل المضيئة أنارت كل ما حولها كذلك المسيح مصدر النور الروحي ينير مبددا ظلمات العالم. ومع ذلك فقد كان الرمز ناقصا . فذلك النور العظيم الذي ثبتته يمناه في جلد السماء كان تمثيلا أصدق لمجد رسالته. ML 438.3
جاء الصباح وأشرقت الشمس لتوها على جبل الزيتون ووقعت أشعتها التي تبهر الأبصار على القصور المرمرية ، وقد عكست جدران الهيكل المذهبة أنوار الشمس عندما أشار يسوع إليها قائلا: “أنا هو نور العالم”. ML 438.4
إن واحدا ممن كانوا يصغون إلى هذا القول عاد فردد صداه في كلامه الجليل حين قال: “فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس، والنور يضيء في الظلمة، والظلمة لم تدركه”، “كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتياً إلى العالم” (يوحنا 1 : 4، 5، 9). وبعد صعود يسوع إلى السماء بوقت طويل كتب بطرس الرسول أيضاً مستنيرا بإلهام الروح الإلهي ذاكرا الرمز الذي استعمله المسيح فقال: “وعندنا الكلمة النبوية، وهي أثبت، التي تفعلون حسناً إن انتبهتم إليها، كما إلى سراج منير في موضع مظلم، إلى أن ينفجر النهار، ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم” (2 بطرس 1 : 19). ML 438.5