مشتهى الأجيال

393/684

قلوب مغلقة

إن المسيح إذ قال: “أنا هو نور العالم” أعلن عن نفسه أنه هو مسيا . وسمعان الشيخ في نفس الهيكل الذي كان يعلم فيه المسيح قال: “لأن عيني قد أبصرتا خلاصك. نور إعلان للأمم، ومجداً لشعبك إسرائيل” (لوقا 2 : 20 و 32). ML 440.1

فلقد أعلن الروح القدس على لسان إشعياء قائلا: “قليل أن تكون لي عبداً لإقامة أسباط يعقوب، ورد محفوظي إسرائيل. فقد جعلتك نوراً للأمم لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض” (إشعياء 49 : 6). لقد فهم الجميع أن هذه النبوة تتحدث عن مسيا . فعندما قال يسوع: “أنا هو نور العالم” فهم الشعب أنه يقول عن نفسه أنه هو السيد الموعود به. ML 440.2

رأى الفريسيون والرؤساء أن تصريح يسوع هذا هو ادعاء وعجرفة . إنهم لم يستطيعوا السكوت عندما رأوا إنسانا مثلهم يقدم على مثل تلك الادعاءات . فإذ تظاهروا أنهم يتجاهلون كلامه سألوه قائلين: “من أنت؟” وأصروا على إرغامه على إعلان كونه هو المسيح . لقد كان مظهره وعمله يختلفان عما كان يتوقعه الشعب حتى ، كما كان أعداؤه الماكرون يعتقدون ، إذا أعلن عن نفسه إعلانا مباشرا أنه هو المسيح فإن ذلك يكون مدعاة رفضه كمحتال. ML 440.3

ولكن عندما سأله أولئك الرؤساء قائلين: “من أنت؟” أجابهم قائلاً: “أنا من البدء ما أكلّمكم أيضاً به” (يوحنا 8 : 25). إن ما أعلنه بكلامه أعلنته أيضاً صفاته . لقد كان هو تجسما للحقائق التي علم بها . ثم استطرد يقول: “متى رفعتم ابن الإنسان، فحينئذ تفهمون أني أنا هو، ولست أفعل شيئاً من نفسي، بل أتكلم بهذا كما علّمني أبي. والذي أرسلني هو معي، ولم يتركني الآب وحدي، لأني في كل حين أفعل ما يرضيه” (يوحنا 8 : 28 و 29). إنه لم يحاول إثبات صدق ادعائه بأنه هو مسيا بل كشف لهم عن اتحاده بالله . فلو كانت عقولهم وقلوبهم مفتوحة لقبول محبة الله لقبلوا يسوع. ML 440.4

كان بين سامعيه كثيرون قد انجذبوا إليه بفعل الإيمان فقال لهم: “إنكم إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي، وتعرفون الحق، والحق يحرّركم” (يوحنا 8 : 31 و 32). ML 441.1