مشتهى الأجيال
الإنسان يختار لنفسه
إن كثيرين ممن قد آمنوا بأن يسوع هو ابن الله أضلهم الكهنة والمعلمون بسوء تفكيرهم . كان أولئك المعلمون قد رددوا بحماسة شديدة ، النبوات الخاصة بمسيا من أنه سيملك “في جبل صهيون وفي أورشليم، وقدّام شيوخه مجد”، “وأنه “يملك من البحر إلى البحر، ومن النهر إلى أقاصي الأرض” (إشعياء 24 : 23 ؛ مزمور 72 : 8). ثم جعلوا يعملون مفارقات محقرة بين المجد الموصوف هنا وحقارة مظهر يسوع . إن نفس كلمات النبوة كانت قد حرفت بحيث أقرت الخطأ . ولو كان الشعب قد درسوا الكلمة لأنفسهم بإخلاص لما انساقوا وراء الضلال . إن الإصحاح الحادي والستين من إشعياء يشهد بأن المسيح كان سيعمل نفس العمل الذي قد عمله . أما الإصحاح الثالث والخمسون ففيه نجد رفض العالم له والآلام التي كان لابد له أن يتحملها في العالم ، في حين أن الإصحاح التاسع والخمسين يصف أخلاق الكهنة والمعلمين. ML 432.2
إن الله لا يرغم الناس على ترك عدم إيمانهم . إن أمامهم النور والظلمة ، الحق والخطأ . ولهم أن يختاروا أي الاثنين ليقبلوه . إن عقل الإنسان مزود بقوة بها يمكنه أن يميز بين الصواب والخطإ . والله لا يقصد أن يقرر الناس بموجب دوافع فورية بل بناء على رجاحة البرهان بكل حرص قارنين أقوال الكتاب ببعضها البعض. فلو أن اليهود طرحوا التعصب جانبا وقارنوا النبوات المكتوبة بالحقائق المميزة لحياة يسوع لرأوا توافقا بين النبوات وإتمامها في حياة ذلك الجليلي المتواضع وخدمته. ML 432.3
كثيرون ينخدعون في هذه الأيام بنفس الطريقة التي قد انخدع بها اليهود . إن معلمي الدين يقرأون الكتاب في نور فهمهم وتقاليدهم ، ولكن الشعب لا يفتشون الكتب لأنفسهم ولا يحكمون لأنفسهم فيما هو حق بل يتخلون عن حكمهم ويسلمون نفوسهم بين أيدي رؤسائه .إن الكرازة وتعليم كلمة الله هما من الوسائل التي رسمها الله لنشر النور . ولكن علينا نحن أن نختبر تعليم كل إنسان بمحك الكلمة الإلهية . فالذي يدرس الكتاب المقدس بروح الصلاة مشتاقا إلى معرفة الحق لكي يطيعه سيحصل على النور الإلهي ويفهم الكتب: “إن شاء أحد أن يعمل مشيئته يعرف التعليم، هل هو من الله، أم أتكلّم أنا من نفسي” (يوحنا 7 : 17). ML 433.1
وفي اليوم الأخير من العيد رجع الخدام الذين كان الكهنة قد أرسلوهم للقبض على يسوع، بدونه . فسألهم الرؤساء بغضب قائلين: “لماذا لم تأتوا به؟” (يوحنا 7 : 45). أجابوهم قائلين بوقار: “لم يتكلّم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان!” (يوحنا 7 : 46). ML 433.2
ومع قساوة قلوبهم فقد أذاب كلامه تلك القلوب . فإذ كان يسوع يتكلم في رواق الهيكل انتظر أولئك الخدام قريبا لعلهم يسمعون شيئا يؤخذ حجة ضده ، ولكن فيما كانوا يس ت معون لكلامه نسوا الغرض الذي قد أرسلوا لأجله ، ووقفوا ذاهلين حيث أعلن المسيح نفسه لنفوسهم فرأوا ما لم يره الكهنة أو الرؤساء- رأوا البشرية مغمورة بمجد الألوهية ، فعادوا ممتلئين بهذا الفكر ومتأثرين بكلامه حتى لقد أجابوا عن سؤال الرؤساء بقولهم: “لم يتكلّم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان! ”. ML 433.3