مشتهى الأجيال

382/684

كلام بسلطان

وعندما انتصف العيد وحينما بلغ الاهتياج بخصوصه أشده دخل إلى دار الهيكل أمام جموع الشعب . إنه بسبب غيابه من العيد أكد كثيرون أنه لا يجرؤ على أن يضع نفسه تحت رحمة سلطان الكهنة والرؤساء ، ولذلك فوجئ الجميع بحضوره ، فصمتت كل الأصوات وتعجب الجميع من شجاعته وجلال هيئته وهو محاط بأعدائه الأشداء المتعطشين لقتله والقضاء عليه. ML 426.1

فإذ وقف يسوع هكذا في الوسط وتركزت عليه كل العيون والعقول جعل يخاطبهم كما لم يتكلم قط أي إنسان . وقد دل كلامه على معرفته ودرايته بشرائع إسرائيل وقوانينه وبالخدمة الكفارية وتعليم الأنبياء . وكانت معرفته تلك أسمى وأرفع بكثير من معرفة الكهنة والمعلمين . لقد نقض سياجات الطقوس والتقاليد ، وبدا كأنه مطلع على أسرار الحياة العتيدة . وكمن يرى ما لا يرى تكلم عن الأمور الأرضية والسماوية والجانب البشري والجانب الإلهي بسلطان قاطع . كان كلامه واضحا كل الوضوح ومؤثرا في النفوس أبلغ تأثير . ومرة أخرى تعجب الناس من كلامه: “لأن كلامه كان بسلطان” (لوقا 4 : 32)، كما كان الحال في كفرناحوم . وبأمثال متنوعة حذر سامعيه من الكارثة التي ستحل بكل من يرفضون الهبات التي جاء إلى العالم ليقدمها لهم . فقدم لهم كل البراهين الممكنة على كونه قد خرج من قبل الله ، وبذل كل جهد ممكن ليقودهم إلى التوبة . وما كان ليرفض ويقتل بأيدي بني أمته لو أمكنه أن يحول بينهم وبين ارتكاب تلك الجريمة النكراء ML 426.2

تعجب الجميع من معرفته للناموس والنبوات وجعل الناس يتساءلون فيما بينهم قائلين: “كيف هذا يعرف الكتب، وهو لم يتعلّم؟” (يوحنا 7 : 15). لم يكن أحد يعتبر مؤهلاً لأن يكون معلما للدين ما لم يكن قد تهذب في مدارس معلمي إسرائيل ، وكان يسوع ويوحنا المعمدان كلاهما معتبرين جاهلين لكونهما لم يتلقيا العلم على أيدي أولئك الأحبار . فالذين سمعوا كلامهما اندهشوا من معرفتهما للكتب (( وهما لم يتعلما )) . نعم إنهما لم يتعلما من الناس ولكن إله السماء كان معلمهما . وقد تلقيا منه أسمى حكمة. ML 426.3

عندما تكلم يسوع في رواق الهيكل ذهل الشعب . إن أولئك الذين كانوا أشد الناس عنفا وقسوة عليه أحسوا بعجزهم عن إيقاع أي أذى به . لقد نسيت كل المصالح والمهام الأخرى مؤقتا. ML 426.4