مشتهى الأجيال

381/684

اجتناب التصادم

“فقال لهم يسوع: إن وقتي لم يحضر بعد، وأما وقتكم ففي كل حين حاضر. لا يقدر العالم أن يبغضكم، ولكنه يبغضني أنا، لأني أشهد عليه أن أعماله شريرة. اصعدوا أنتم إلى هذا العيد. أنا لست أصعد بعد إلى هذا العيد، لأن وقتي لم يكمل بعد. قال لهم هذا ومكث في الجليل” (يوحنا 7 : 6 — 9). كان إخوته يخاطبونه بهذا الكلام بنغمة السلطان وكأنهم بذلك يرسمون له الطريق الذي عليه أن يسلكه . وقد رد عليهم توبيخهم وألقى به في وجوههم إذ لم يعتبرهم ضمن تلاميذه المنكرين لذواتهم بل حسبهم من العالم إذ قال لهم: “لا يقدر العالم أن يبغضكم، ولكنه يبغضني أنا، لأني أشهد عليه أن أعماله شريرة”. إن العالم لا يبغض أولئك الذين يشبهونه في روحه ، بل يحبهم لأنهم خاصته. ML 424.3

لم يكن العالم في نظر المسيح مكانا للراحة وتعظيم الذات . فلم يكن يتحين الفرص للحصول على سلطان أو مجد عالمي . ولم يقدم له العالم شيئا من ذلك . لقد كان العالم هو المكان الذي أرسله الآب إليه . ولقد بذل لأجل حياة العالم وليتمم تدبير الفداء العظيم . فكان يتمم عمله لأجل جنسنا الساقط . ولكنه لم يكن ليتهور أو يلقي بنفسه في الخطر والتهلكة أو ليخلق أزمة . فكل عمل من أعمال حياته كانت له ساعته المحددة ، فكان عليه ان ينتظر بصبر . لقد عرف أن العالم سيقابله بالكراهية والجفاء ، وعرف كذلك أن نتيجة عمله ستكون موته . أما أن يعرض نفسه للموت قبل الأوان فهذا ما لم يكن من إرادة الله .لقد انتشرت أنباء معجزات المسيح من أورشليم إلى كل الأماكن التي كان اليهود مشتتين فيها . ومع أنه تغيب عن الأعياد شهورا طويلة فإن الاهتمام به لم يقل . لقد أتى كثيرون من أنحاء العالم كافة لإحياء عيد المظال على أمل أن يروا يسوع . وفي بدء أيام العيد جعل كثيرون يسألون عنه . كان الفريسيون والرؤساء ينتظرون مجيئه على أمل أن يجدوا فرصة سانحة لإدانته . فبكل اهتمام سألوا قائلين: “أين ذاك؟” (يوحنا 7 : 11). ولكن أحدا من الناس لم يكن يعرف . أما الجميع فكانت أفكارهم متجهة نحوه وبسبب خوف الشعب من الكهنة والرؤساء لم يكن أحد يجرؤ على الاعتراف به كمسيا . ولكن في كل مكان كانت توجد مباحثات هادئة وجادة بخصوصه . فقد دافع كثيرون عنه كمن هو مرسل من قبل الله بينما وشى به آخرون كمن يضل الشعب. ML 425.1

وفي تلك الأثناء وصل يسوع إلى أورشليم بكل هدوء ، وقد اختار طريقا غير مطروق ليسير فيه حتى يتجنب مقابلة الوافدين إلى المدينة من كل البلاد . فلو كان قد انضم إلى قافلة من القوافل الصاعدة إلى العيد لاتجهت إليه أنظار الجماهير عند دخوله المدينة وكان الناس يلتفون حوله في مظاهرة لصالحه ، وكان ذلك يثير حنق السلطات ضده . فلكي يتجنب كل ذلك اختار السفر وحده. ML 425.2