مشتهى الأجيال

358/684

الفصل السادي والأربعون—تجلي المسيح

اقترب وقت المساء عندما دعا يسوع إلية ثلاثة من تلاميذه هم بطرس ويعقوب ويوحنا ، وسار في طليعتهم عبر الحقول ، ثم جعلوا يصعدون في طريق وعر على جانب جبل منعزل . كان المخلص وتلاميذه قد قضوا اليوم في السفر وفي تعليم الناس ، وقد زاد صعود الجبل من إرهاقهم . كان المسيح قد أزاح أثقالا عن كواهل كثيرين من المتألمين وعقولهم ، وبعث الحياة في أجسامهم الذابلة الكليلة المعروقة . وحيث أنه كان هو أيضاً محاطا بالضعف البشري فقد أحس هو وتلاميذه بالتعب وهم يصعدون فوق الجبل. ML 398.1

كانت الشمس الغاربة ترسل بعض أشعتها إلى قمة الجبل فتنير بنورها الضعيف طريقهم وهم يصعدون . ولكن سرعان ما تتراجع أشعة النور أمام جحافل الظلام الزاحفة على الجبل والسهل على السواء ، فتختفي الشمس خلف الأفق الغربي ، ويلف الليل أولئك المسافرين في رداء أسود من الظلام القاتم . كانت الظلمة المحيطة بهم متجاوبة مع حياتهم الكاسفة الحزينة ، إذ كانت الظلمات تتجمع وتتكاثف من حولهم. ML 398.2

لم يجرؤ التلاميذ على أن يسألوا المسيح إلى أين هو ذاهب أو لأي غرض هو سائر في ذلك الطريق ، لأنه كثيرا ما كان يقضي ليال بكاملها فوق الجبال . فذاك الذي قد كونت يداه الجبال والأودية كان يحب الوجود في أحضان الطبيعة حيث يستمتع بالهدوء . وها التلاميذ يتبعون المسيح إلى حيث يسير . ومع ذلك فهم يتساءلون لماذا يتقدمهم معلمهم في صعود ذلك الجبل الصعب المرتقى وهم متعبون ، كما أنه هو أيضاً بحاجة إلى الراحة. ML 398.3