مشتهى الأجيال
الفصل السادس—قد رأينا مجده
“ ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية ، في أيام هيرودس الملك ، إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلى أورشليم قائلين: “ أين هو المولود ملك اليهود؟ فإننا رأينا نجمة في المشرق وأتينا لنسجد له” (متى 2 : 1، 2). ML 47.1
إن أولئك المجوس القادمين من المشرق كانوا رجالا فلاسفة ، كما أنهم كانوا ينتمون إلى هيئة كبيرة ذات نفوذ عظيم ضمت الرجال الكريمي المحتد العريقي النسب ، وكان لهم نصيب كبير من الثروة والعلم في أمتهم. وكان بينهم جماعة استغلوا سذاجة مواطنيهم وسرعة تصديقهم ، بينما كان بينهم قوم آخرون يسلكون بالاستقامة ويدرسون أسرار العناية الإلهية في الطبيعة . وقد حصلوا على كرامة عظيمة نظرا لاستقامتهم وحكمتهم . أما المجوس الذين أتوا إلى يسوع فقد كانوا من هذا النوع ML 47.2
إن نور الله يشرق أبدا مبددا ظلمات الوثنية ، فهؤلاء المجوس عندما درسوا حركات النجوم السابحة في السماء وحاولوا أن يسبروا السر المخبوء طي تحركاتها ، نظروا مجد الخالق ، وإذ طلبوا نورا أكمل اتجهوا إلى كتب العبرانيين المقدسة ، حيث كانت في بلادهم كتب نبوية مختزنة أنبأت عن مجيء معلم إلهي. وقد كان بلعام ينتمي إلى طائفة السحرة مع أنه كان نبيا لله يوما ما . فهذا الرجل كان قد أنبأ بإلهام روح الله بنجاح إسرائيل وظهور مسيا . وقد تسلم الناس هذه النبوات التي احتُفظ بها ونُقلت جيلا بعد جيل . ولكن في العهد القديم كان هناك إعلان أوضح عن مجيء المخلص . وقد ابتهج المجوس حين علموا أن مجيئه قريب وأن كل الأرض ستمتلئ من معرفة مجد الرب ML 47.3
كان أولئك المجوس قد رأوا نورا غامضا في السماء في الليلة التي أشرق فيها مجد الله فوف تلال بيت لحم. ولما اختفى النور ظهر نجم لامع وبقي مضيئا في السماء . لم يكن من النجوم الثابتة ولا من الكواكب السيارة ، فأثارت فيهم هذه الظاهرة اهتماما عظيما . لقد كان ذلك النجم البعيد مكوناً من جمع من الملائكة اللامعين ، ولكن المجوس كانوا يجهلون ذلك ، ومع هذا فقد اقتنعوا بأن ذلك النجم كانت له دلالته العظيمة بالنسبة إليهم ، فاستشاروا الكهنة والفلاسفة ، ثم عكفوا على فحص كتبهم ومستنداتهم القديمة ، حيث قالت نبوة بلعام: “ يبرزُ كَوكب من يعقُوبَ ، وَيقُومُ قَضيب من إِسرائِيلَ” (العدد 24: 17). فهل يمكن أن يكون هذا النجم الغريب هو بشير السيد الآتي الموعود به؟ لقد رحب أولئك المجوس بنور الحق المرسل من السماء ، وها هو الآن ينير عليهم بنور أعظم . وعن طريق الرؤى والأحلام أُخبِروا بأن يذهبوا للبحث عن ذلك الملك المولود . ML 47.4