مشتهى الأجيال
يمشي على المياه
في اللحظة التي كانوا يعتقدون أنهم لا محالة هالكون ظهر نور انكشف عن شبح غامض يدنو منهم فوق الماء. ولم يكونوا يعلمون أنه يسوع . فذاك الذي خف إلى نجدتهم ظنوه عدوا فشملهم الرعب . فالأيدي التي كانت تقبض على المجاذيف بقبضة من فولاذ تركتها تفلت من قبضتها فصارت السفينة تهتز كما تشاء الأمواج ، وقد حملقوا في شبح ذلك الإنسان الذي كان يسير فوق اللجج المزبدة في ذلك البحر المضطرب. ML 354.3
لقد ظنوه خيالا ينذر بهلاكهم فمن الخوف صرخوا ، فتقدم يسوع سائرا إلى الأمام كأنما يريد أن يجتازهم ، ولكنهم إذ عرفوه صرخوا إليه في طلب العون. وهنا يلتفت إليهم معلمهم المحبوب وبصوته الرقيق يسكن مخاوفهم قاتلا لهم: “تشجعوا! أنا هو. لا تخافوا” (متى 14 : 27). ML 354.4
وحالما أيقنوا بتلك الحقيقة العجيبة كاد السرور يذهب بعقل بطرس. وكما لو كان غير مصدق بعد صرخ قائلا: “يا سيّد، إن كنت أنت هو، فمرني أن آتي إليك على الماء. فقال: تعال” (متى 14 : 28 و 29). ML 354.5
فإذ كان بطرس ينظر إلى يسوع كان يمشي على الماء مطمئنا ، ولكنه إذ ينظر إلى الوراء إلى إخوته كمن هو معجب بنفسه كانت تتحول عيناه عن المخلص. إن العاصفة كانت لا تزال على شدتها ، والأمواج تعلو وتفصل بينه وبين سيده فيخاف. ولمدة لحظة يغيب المسيح عن نظره فيخذله إيمانه ويبتدئ يغرق . لكن إذ ترتفع الأمواج من حوله منذرة إياه بالموت يرفع بطرس عينيه بعيدا عن المياه الصاخبة ، وإذ يثبت نظره في يسوع يصرخ قائلاً: “يا رب، نجّني!” (متى 14 : 30). ففي الحال يمسك يسوع بيده الممدودة قائلاً له: “يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟” (متى 14 : 31). ML 354.6
وإذ يسيران معاً جنباً إلى جنب و يد بطرس في يد سيده ينزلان في السفينة معا. أما بطرس فكان مغمورا صامتا لأنه لم يكن هنالك ما يدعوه إلى الافتخار على زملائه ، إذ بسبب عدم إيمانه وتعظيمه لنفسه كاد يموت . حيث أنه حين حول عينيه بعيدا عن يسوع لم تثبت خطواته وابتدأ يغوص في وسط الأمواج. ML 355.1