مشتهى الأجيال

322/684

ضعف في القوة

عندما تهجم علينا المتاعب والضيقات فما أقربنا شبها إلى بطرس! إننا ننظر إلى الأمواج بدلا من أن نثبت أنظارنا في مخلصنا . حينئذ تنزلق خطواتنا فتطغى على نفوسنا المياه الطامية . إن يسوع لم يأمر بطرس أن يأتي إليه لكي يهلك . وهو لا يأمرنا باتباعه ثم يتركنا . ولكنه يقول: “لا تخف لأني فديتك. دعوتك باسمك. أنت لي. إذا اجتزت في المياه فأنا معك، وفي الأنهار فلا تغمرك. إذا مشيت في النار فلا تلذع، واللهيب لا يحرقك. لأني أنا الرب إلهك قدوس إسرائيل، مخلّصك” (إشعياء 43 : 1 — 3). ML 355.2

لقد عرف يسوع صفات تلاميذه وعرف إلى أي حد سيجرب إيمانهم بتجارب قاسية. وفي هذه الحادثة التي حدثت في عرض البحر أراد السيد أن يكشف لبطرس عن ضعفه ، وأن يريه بأن سلامته هي في اعتماده المستمر على قدرة الله . في وسط عواصف التجربة أمكنه أن يسير آمنا فقط بانصياعه للمخلص واتكاله عليه . وفي اللحظة التي ظن نفسه فيها قويا كان ضعيفا . ولم يتحقق من حاجته إلى الاعتماد على المسيح إلا بعدما فطن إلى ضعفه . فلو كان قد تعلم الدرس الذي أراد يسوع أن يعلمه إياه في ذلك الاختبار وهو في عرض البحر لما فشل عندما اجتاز في ذلك الامتحان القاسي فيما بعد. ML 355.3

إن الله يعلم أولاده يوما بعد يوم ، فبظروف الحياة اليومية هو يعدهم لتمثيل دورهم عل المسرح الأكبر الذي تعينه لهم عناية الله. إن نتائج الاختبار اليومي هي التي تقرر انتصارهم أو هزيمتهم في أزمة الحياة العظيمة. ML 355.4

إن من لا يعتمدون اعتمادا دائما على الله سينهزمون أمام التجربة. يمكننا أن نفترض الآن أن أقدامنا تقف ثابتة وأننا لن نتزعزع ، ويمكننا أن نقول واثقين: أنا عالم بمن آمنت .لا شيء يستطيع أن يزعزع إيماني بالله وبكلمته ، ولكن الشيطان يرسم خططه بحيث يستفيد من أخلاقنا الموروثة وعاداتنا المكتسبة فينا ، ويعمي عيوننا عن رؤية حاجاتنا ونقائصنا ، فلا نستطيع أن نسير آمنين مطمئنين إلا إذا تحققنا من ضعفنا وثبتنا أنظارنا في يسوع. ML 356.1

وما أن اتخذ يسوع لنفسه مكانا في السفينة حتى هدأت الريح . “ وللوقت صارت السفينة إلى الأرض التي كانوا ذاهبين إليها” (يوحنا 6 : 21). إن تلك الليلة المرعبة المخيفة عقبها نور الفجر . فالتلاميذ ومن كانوا معهم في السفينة جاءوا وسجدوا عند قدميه . وبقلوب ملؤها الشكر قالوا: “بالحقيقة أنت ابن الله!” (متى 14 : 33). ML 356.2