مشتهى الأجيال

280/684

تغيير مدهش

فسأله يسوع: “ما اسمك” فأجابه قائلاً: “اسمي لجئون، لأننا كثيرون” (مرقس 5 : 9). وإذ استخدمت الشياطين ذينك المجنونين واسطة للاتصال والتخاطب توسلوا إلى يسوع ألا يرسلهم خارج الكورة . وعند سفح جبل غير بعيد عن ذلك المكان كان قطيع كبير من الخنازير يرعى . فطلبت منه الشياطين السماح لها بالدخول في الخنازير فأذن لها يسوع بذلك . ففي الحال شمل الرعب ذلك القطيع فاندفعت كل تلك الخنازير بسرعة جنونية إلى أسفل الصخور ، وإذ لم تستطع التوقف على الشاطئ اندفعت إلى أعماق البحيرة وغرقت. ML 315.1

وفي أثناء ذلك حدث تغيير عجيب للمجنونين. فقد أشرق النور على عقلهما وأضاء من عيونهما نور الذكاء . ووجهاهما اللذان كانا مشوهين كوجوه الشياطين ساد عليهما الهدوء فجأة . والأيدي الملوثة بالدماء عادت عديمة الأذى ، وبأصوات الفرح مجد ذانك الرجلان الله على خلاصهما. ML 315.2

ومن فوق الصخور شاهد رعاة الخنازير كل ما حدث فأسرعوا يقصون ذلك الخبر على أصحاب الخنازير وكل الناس ، فتجمع كل سكان المدينة حول يسوع في خوف ودهشة. لقد كان المجنونان مبعث الرعب لكل سكان ذلك الإقليم ، فلم يكن أحد يأمن على حياته بالمرور من طريقهما ، إذ كانا يهاجمان كل عابري الطريق بكل ما في الشيطان من غضب واهتياج . أما الآن فقد صار ذانك الرجلان لابسين وعاقلين جالسين عند قدمي يسوع يصغيان إلى أقواله ويمجدان اسم ذاك الذي قد حررهما وشفاهما . ولكن الناس الذين رأوا هذا المنظر العجيب لم يفرحوا . إن غرق الخنازير في البحيرة كان في نظرهم مصيبة أفدح ، لا تتناسب مع شفاء المجنونين اللذين كانا تحت أسر الشيطان. ML 315.3

ولكن خسارة الخنازير كانت رحمة من الله مقدمة لأصحابها. فلقد كانوا مرتبكين في الأرضيات ولم يكترثوا لمصلحتهم العظيمة التي هي مصلحة الحياة الروحية . ولقد رغب يسوع في تحطيم الأثرة وعدم المبالاة حتى يقبلوا نعمته . ولكن حسرتهم وغيظهم بسبب خسارتهم الزمنية أعمت عيونهم فلم يروا رحمة المخلص. ML 316.1