مشتهى الأجيال
الشياطين تهاجمهم
وفي بكور اليوم التالي وصل المخلص ورفاقه إلى الشاطئ. وقد لمست أشعة الشمس المشرقة البحر والأرض بلمسة السلام . ولكن ما إن وصلوا إلى الشاطئ حتى وقعت عيونهم على منظر أشد رعب من هول العاصفة . ذاك أن اثنين من المجانين خرجا من مخبأين من بين القبور واندفعا صوبهم كأنما يريدان أن يمزقا أجسامهم إربا . وقد كان عالقا بأيديهما وأرجلهما بعض السلاسل والقيود التي كانا قد كسراها عند هروبها من الحبس . وكان لحمهما ممزقا يسيل منه الدم إذ كانا قد جرحا نفسيهما بالحجارة الحادة. وكانت عيونهما تحملق في أولئك القادمين من خلال الشعر الطويل الأشعث . وقد بدأ كأن صورة الإنسانية فيهما قد محيت بأيدي الشياطين التي كانت تسكن فيهما . فكانا أقرب إلى الوحوش الضارية منهما إلى الناس. ML 314.1
هرب التلاميذ ورفاقهم من هول الرعب ، ولكنهم سرعان ما اكتشفوا أن يسوع قد تخلف عنهم فعادوا يبحثون عنه فوجدوه واقفا حيث تركوه. إن ذاك الذي سكن العاصفة ، والذي سبق أن واجه الشيطان وهزمه لم يهرب من تلك الشياطين . فعندما كان ذانك المجنونان يصران بأسنانهما والزبد يخرج من فم كل منهما واقتربا من يسوع رفع تلك اليد التي هدأت أمواج البحر ، وحينئذ لم يستطع ذانك المجنونان أن يقتربا منه أكثر من ذلك . وقفا أمامه وصدراهما يغليان ولكنهما كانا عاجزين عن عمل شيء. ML 314.2
وبكل سلطان أمر يسوع الأرواح النجسة أن تخرج منهما ، فتغلغل كلامه في أعماق العقل المظلم لكل من ذينك الرجلين التعيسين ، وتحققا ، وإن يكن بغير وضوح أن بالقرب منهما شخصا يمكنه أن يخلصهما من الشياطين التي تعذبهما ، فسقطا عند قدمي المخلص ساجدين أمامه. ولكن عندما انفرجت شفاهما لتطلب منه الرحمة تكلمت الشياطين فيهما صارخة بشدة وقائلة: “مالي ولك يا يسوع ابن الله العلي؟ أستحلفك بالله أن لا تعذّبني!” (مرقس 5 : 7). ML 314.3