مشتهى الأجيال

266/684

أقرباؤه يرفضونه

وإذ كان يسوع لا يزال مشغولا في تعليم الشعب أخبره تلاميذه بأن أمه وإخوته هم في الخارج ويريدون أن يروه ، فعرف ما في قلوبهم ، “ فأجاب وقال للقائل له: من هي أمي ومن هم إخوتي؟ ثم مد يده نحو تلاميذه وقال: ها أمي وأخوتي. لأن من يصنع مشيئة أبي الذي في السموات هو أخي وأختي وأمي” (متى 12 : 48 — 50). ML 302.2

إن كل الذين قبلوا المسيح بالإيمان هم مرتبطون به ارتباطا أقرب وأوثق من القرابة الجسدية. إنهم متحدون به كما أنه هو متحد بالآب . إن أمه إذ كانت مؤمنة به ومطيعة لكلامه كانت على هذا الاعتبار الخلاصي أقرب إليه مما على اعتبار العلاقة الطبيعية .ولكن إخوته ما كان لهم أن يحصلوا على أية فائدة من قرابتهم له ما لم يقبلوه كمخلصهم الشخصي. ML 302.3

ما كان أعظم المعاضدة والمعونة اللتين كان يمكن للمسيح أن يحصل عليهما من أقربائه الأرضيين لو كانوا قد آمنوا به كمن هو مرسل من السماء وتعاونوا معه في القيام بعمل الله. إن عدم إيمانهم ألقى ظلالا على حياة يسوع الأرضية ، فزاد ذلك من مرارة كأس الألم والويل الذي شربه لأجلنا. ML 302.4

لقد أحس ابن الله بقسوة العداوة التي اضطرمت في قلوب بني الإنسان ضد الإنجيل ، وكانت تلك العداوة أشد إيلاما له في بيته لأن قلبه كان مفعما بالرأفة والحب ، وكان يقيم وزنا كبيرا للاحترام والتقدير في العلاقات العائلية. كان إخوته يريدونه أن ينصاع لآرائهم حين كانت تلك الآراء بعيدة كل البعد عن الوفاق مع غرضه ومهمته الإلهية . كانوا ينظرون إليه كمن هو في حاجة إلى مشورتهم . لقد حكموا عليه من وجهة نظرهم البشرية وظنوا أنه إذا كان ينطق بالأقوال التي يقبلها الكتبة والفريسيون ، فذلك سيكون كفيلا بأن يجنبه تلك الخصومة الممقوتة التي أثارتها أقواله . لقد ظنوه مختل العقل حين ادعى لنفسه سلطانا إلهيا وأوقف نفسه أمام معلمي الشريعة موقف المبكت لهم على خطاياهم . ولقد عرفوا أن الفريسيين يتحينون الفرص للشكاية في حقه ، وكانوا يحسون أنه بتصرفاته قد أعطى للرؤساء المجال الكافي لاتهامه. ML 302.5

إنهم بمقاييسهم القصيرة لم يمكنهم أن يسبروا غور مهمته التي قد أتى ليتممها ، ولذلك لم يعطفوا عليه في تجاربه. إن كلامهم الفظ الذي به عبروا عن عدم تقديرهم له برهن على أنهم لم يفهموا أخلاقه على حقيقتها ، ولم يفطنوا إلى أن الألوهية كانت متحدة بالبشرية . كانوا في غالب الأحيان يرونه مكتنفا بالحزن ، ولكنهم بدلا من أن يعزوه فإن روحهم وأقوالهم جرحت قلبه . لقد تعذبت طبيعته الحساسة وأُسيء فهم بواعثه ولم يفهم أحد طبيعة عمله. ML 303.1