مشتهى الأجيال
حصن ضد هجمات ابليس
في أيام المسيح كما في أيامنا هذه وُجِد أناس كثيرون بدا في وقت ما أن سلطان الشيطان قد انفك عنهم ، وبنعمة الله تحرروا من الأرواح الشريرة التي قد تسلطت على نفوسهم. وقد فرحوا بمحبة الله ، ولكنهم كالسامعين المشبهين بالأرض المحجرة في مثل الزارع لم يثبتوا في محبته . ولم يسلموا نفوسهم لله يوميا حتى يسكن المسيح في قلوبهم . فلما عاد الروح النجس ومعه “سبعة أرواح أخر أشر منه” ساد عليهم سلطان الشر سيادة كاملة. ML 301.1
إن النفس عندما تسلم ذاتها للمسيح تملك على القلب الجديد قوة جديدة ، ويحدث تغيير لا يستطيع الإنسان أبدا أن يحدثه في نفسه. إنه عامل خارق الطبيعة قد أدخل في طبيعة الإنسان عنصرا فوق الطبيعة . والنفس المسلمة للمسيح تصير له حصنا ومعقلا يملك عليه في وسط عالم متمرد . وهو يقصد ألا تنافسه في امتلاك ذلك القلب سلطة أخرى معترف بها غير سلطته . مثل هذه النفس المحفوظة بالقوة السماوية هي محصنة ضد هجمات الشيطان . ولكن ما لم نسلم ذواتنا لسلطان المسيح فسيسود علينا الشرير . لابد لنا أن نكون خاضعين لسلطان إحدى القوتين العظيمتين اللتين تتنازعان السيادة على العالم . ليس من الضروري لنا أن نتعمد اختيار خدمة ملكوت الظلام لنصير تحت سيطرته ، بل حسبنا أن نهمل الانضمام إلى ملكوت النور . فإذا لم نتعاون مع القوات السماوية فسيتملك الشيطان على القلب ويتخذه مسكنا له . والواقي الوحيد ضد الشر هو سكنى المسيح في القلب بالإيمان ببره . فما لم نرتبط بالله ارتباطا حيويا فلن نستطيع مقاومة الآثار الدنسة لحب الذات والانغماس في الشهوات وإغراءات الخطية . قد نقلع عن عادات شريرة كثيرة ، وقد نترك صحبة الشيطان بعض الوقت ، ولكن ما لم نرتبط بالله ارتباطا حيا بتسليم ذواتنا له لحظة بعد لحظة فلا بد من أن ننهزم . وما لم تكن لنا معرفة شخصية بالمسيح وشركة مستمرة معه فإننا نمسي تحت رحمة العدو وفي النهاية نأتمر بأوامره. ML 301.2
قال يسوع: “ فتصير أواخر ذلك الإنسان أشر من أوائله! هكذا يكون أيضاً لهذا الجيل الشرير” (متى 12 : 43 — 45). إن أشد القلوب صلابة هي قلوب أولئك الذين استخفوا بدعوة الرحمة وازدروا بروح النعمة . إن أعظم مظاهر الخطية ضد الروح القدس في انتشارها هو الإصرار على الاستخفاف بدعوة السماء الناس للتوبة. وكل خطوة يخطوها الإنسان في طريق رفضه للمسيح هي أيضا خطوة نحو رفض الخلاص ونحو ارتكاب خطية التجديف ضد الروح القدس. ML 301.3
إن الشعب اليهودي إذ رفض المسيح ارتكب الخطية التي لا غفران لها. وكذلك نحن إن رفضنا دعوة الرحمة فإننا نرتكب نفس الخطأ . ونحن نهين رئيس الحياة ونجلب عليه العار أمام مجمع الشيطان وأمام مسكونة السماء عندما نرفض الإصغاء إلى رسله المنتدبين من قبله ، وبدلا من ذلك نصغي إلى رسل الشيطان الذين عملهم هو إبعاد النفوس عن المسيح . فطالما الإنسان يفعل هذا لن يجد رجاء أو غفرانا ، وفي النهاية لا تعود عنده رغبة في أن يتصالح مع الله. ML 302.1