مشتهى الأجيال

267/684

ألزق من أخ

كان إخوته كثيرا ما يوردون فلسفة الفريسيين التي قد عتقت وشاخت ، وادعوا أنه يمكنهم أن يعلموه كيف يفهم كل الحق ويعرف جميع الأسرار. وبكل إصرار حكموا بخطأ كل ما استغلق عليهم فهمه . وقد كانت تعييراتهم طعنات أصابته في الصميم فتضايقت نفسه وتألمت . لقد اعترفوا بإيمانهم بالله وكانوا يظنون أنهم يبررون الله ، مع أن الله كان بينهم بالجسد ولم يعرفوه. ML 303.2

كل هذه الأمور جعلت طريقه مكربا وشائكا. ولقد تألم المسيح جدا من سوء التفاهم الذي كان في بيته بحيث لم يكن يحس بالراحة إلا عندما يترك جو ذلك البيت إلى جو أصفي وأنقى ، ولكن كان هناك بيت كان يسوع يحب أن يزوره- وهو بيت لعازر ومريم ومرثا ، لأن روحه كانت تجد الراحة في المكان الذي يسوده الإيمان والمحبة. ومع ذلك فلم يكن على الأرض إنسان أمكنه أن يفهم مهمة السيد أو يعرف العبء الذي حمله كنائب عن بني الإنسان . وفي أحيان كثيرة كان يجد راحته في الانفراد والشركة مع أبيه السماوي. ML 303.3

يمكن لأولئك الذين يتألمون لأجل المسيح والذين يتضايقون من سوء تقدير الناس لهم وسوء الظن بهم والشك فيهم حتى في بيوتهم ، أن يجدوا العزاء في الفكر بأن يسوع سبق له أن تحفل نفس تلك المتاعب. إنه يعطف عليهم ويشفق . وهو يريدهم أن يحسبوه شريكا لهم وأن يبحثوا عن الراحة حيث قد وجدها هو- في الشركة مع الآب. ML 304.1

يمكن لأولئك الذين يقبلون المسيح كمخلصهم الشخصي هم غير متروكين كاليتامى ليحتملوا تجارب الحياة وحدهم ، فهو يقبلهم كأعضاء في الأسرة السماوية ويأمرهم بأن يدعوا الله أباه أبا لهم. إنهم إخوته الأصاغر وهم أعزاء على قلب الله ومرتبطون به بأرق الربط الوثيقة الباقية . إن قلبه عامر بالرقة والإشفاق عليهم ، وهو أعظم إشفاقا علينا في عجزنا من كل حنان آبائنا وأمهاتنا ، بنسبة عظمة الله وسموه عن الإنسان. ML 304.2

في الشرائع المعطاة لإسرائيل يوجد تشبيه جميل يفسر علاقة المسيح بشعبه. فعندما كان الإسرائيلي يفتقر إلى حد أن يبيع ميراثه ويباع هو عبدا ، كان واجب فدائه واسترداد ميراثه يقع على عاتق وليه الأقرب إليه (انظر لاويين 25 : 25 و 47 — 49 ؛ راعوث 2 : 20). وهكذا وقع عمل فدائنا وفداء ميراثنا الذي قد خسرناه بسبب الخطية على عاتق ذاك الذي هو “ولي أقرب” (راعوث 3 : 12). فلكي يفتدينا صار قريبا لنا . إن الرب مخلصنا هو أقرب الينا من الأب والأم والأخ والصديق والحبيب . وهو يقول لنا: “لا تخف لأني فديتك. دعوتك باسمك. أنت لي” ، “إذ صرت عزيزاً في عيني مكرماً .. وأنا قد أحببتك. أعطي أناساً عوضك وشعوباً عوض نفسك” (إشعياء 43 : 1، 4). ML 304.3

إن المسيح يحب الخلائق السماوية المحيطة بعرشه. ولكن بماذا نعلل تلك المحبة العظيمة التي بها قد أحبنا؟ لا يمكننا إدراكها ، ولكننا نستطيع أن نعرفها على حقيقتها في اختبارنا . وإذا كنا ندرك علاقة قرابتنا له فبأية محبة ورقة ينبغي لنا أن ننظر إلى أولئك الذين هم أخوة الرب وأخواته! ألا يجب علينا أن نسرع في مراعاة علاقتنا بالله والقيام بمطاليبها؟ وحيث إننا قد صرنا أولادا في أسرة الله ألا يجب علينا أن نكرم أبانا وولينا الأقرب إلينا؟ ML 304.4