مشتهى الأجيال
يؤملون في مغانم مادية
وإذ كان التلاميذ يتوقعون حدوث أمر غير عادي زادوا اقتراباً من معلمهم. كانوا يعتقدون أن الملكوت عتيد أن يقام قريبا . واستخلصوا من أحداث الصباح أن إعلانا قد أوشك أن يصدر بشأنه ، فساد روح الانتظار على ذلك الجمع أيضا وارتسمت على الوجوه دلائل الاهتمام العميق . وإذ كان الناس جالسين على جانب الجبل المكتسي بالعشب الأخضر ، منتظرين سماع أقوال ذلك المعلم الإلهي امتلأت عقولهم بالأفكار المبهجة عن الأمجاد المستقبلة . وكان هناك بعض الكتبة والفريسيين الذين كانوا يتطلعون إلى الأمام إلى اليوم الذي فيه يتسلطون على سادتهم الرومان المكروهين ويستحوذون على ثروات أعظم إمبراطورية عرفها التاريخ وعلى كل أمجادها . وكان القرويون الفقراء والصيادون يؤملون أن يسمعوا ما يؤكد لهم أن أكواخهم الحقيرة وطعامهم الزهيد وحياة الكدح التي يعيشونها في الخوف من العوز والفاقة سيستعاض عنها بقصور تفيض بالخيرات وحياة الراحة والاطمئنان . وبدل من الثياب الخشنة التى كانوا يستترون بها في النهار ويلتحفون بها في الليل كانوا يؤملون بأن المسيح سيغدق عليهم من الحلل الثمينة التي لأعدائهم المتسلطين عليهم . ولقد اهتزت كل المشاعر والقلوب بذلك الأمل الفخور بأن إسرائيل موشك أن يرتفع ويتسامى فوق كل الشعوب كشعب الرب المختار . وأن أورش ل يم ستصبح أمجد المدن لأنها ستصير قصبة المملكة التي ستشمل العالم كله. ML 276.1
ولكن المسيح خيب آمالهم في العظمة الدنيوية ، ففي موعظته على الجبل حاول أن يهدم كل ما بناه التعليم الكاذب ، وأن يعطى سامعيه فكرة صحيحة عن ملكوته وصفاته هو ، إلا أنه لم يهجم على أخطاء الشعب هجوما مباشرا. لقد رأى شقاء العالم الذي كانت الخطية سببه ، إلا أنه لم يقدم للشعب صورة واضحة لشقائهم . لقد علمهم شيئا أفضل بما لا يقاس من كل ما قد عرفوه . وبدلا من أن يجادلهم في آرائهم عن ملكوت الله بسط لهم شروط الدخول فيه ، تاركا إياهم ليستنتجوا ما يرونه عن طبيعته . وإن حاجتنا لتعلم أساس مبادئ ملكوت الله ليست أقل من حاجة أولئك الناس. ML 276.2