مشتهى الأجيال

237/684

الفصل الحادي والثلاثون—أسرار السعادة

كان المسيح نادرا ما يجمع تلاميذه وحدهم ليعلمهم ، ولم يكن يختار سامعيه ممن كانوا عرفون طريق الحياة دون سواهم . ولكن قصده كان الوصول إلى جماهير الشعب الذين كانوا يعمهون في ظلمات الجهل والخطأ ، فقدم تعاليم الحق لذوي العقول المظلمة . لقد كان هو نفسه الحق واقفا ممنطقا حقويه وباسطا يديه ليبارك الناس ، محاولا بإنذارته وتوسلاته وتشجيعاته أن يسعى لرفع كل من يأتون إليه. ML 275.1

والموعظة على الجبل وإن لم يكن المقصود منها التلاميذ خصيصا ، فقد نطق بها السيد على مسامع الجماهير. وبعدما أقام يسوع رسله ذهب معهم إلى شاطئ البحر ، وكان الناس قد بدأوا يتجمعون في دلك المكان منذ الصباح الباكر . ففضلا عن الجماعات التي اعتادت الإتيان إليه من مدن الجليل جاء قوم من اليهودية ومن أورشليم نفسها ومن بيرية والمدن العشر وأدومية الواقعة في أقصى جنوب اليهودية ومن صور وصيداء المدينتين الفينيقيتين الواقعتين على شاطئ البحر الأبيض المتوسط ، “إذ سمعوا كم صنع أتوا إليه” ، “جاءوا ليسمعوه ويشفوا من أمراضهم .. أن قوة كانت تخرج منه وتشفي الجميع” (مرقس 3 : 8 ؛ لوقا 6 : 17 — 19). ML 275.2

ولكن الشاطئ الضيق لم يكن يتسع حتى ليقف الناس على أقدامهم بحيث يصل صوته إلى كل من يرغبون في سماعه. فسار يسوع متقدما أمام ذلك الجمع إلى الجبل . فإذ وصل إلى مكان فسيح منبسط يتسع لكل تلك الجماهير الغفيرة جلس يسوع على العشب فحذا التلاميذ والجموع حذوه . ML 275.3

كان التلاميذ في مكان قريب من يسوع ، وكان الناس يزحمونه ولكن التلاميذ رأوا أن أولئك الناس ينبغي ألا يزحفوا أكثر من ذلك لئلا يبعدوهم عن معلمهم. فجلسوا بالقرب منه حتى لا تفوتهم كلمة من كلامه ، وكانوا يصغون إلى كلامه بكل انتباه وكلهم شوق لفهم الحقائق التي كان عليهم أن ينشروها في كل البلدان فتتناقلها الأجيال. ML 275.4