مشتهى الأجيال

236/684

نواب الله

إن المسيح لم يختر نوابه بين الناس من الملائكة الذين لم يسقطوا قط ، بل اختارهم من الخلائق البشرية ، من أناس كانوا تحت الآلام مثل أولئك الذين طلبوا أن يخلصوهم. لقد اتخذ المسيح لنفسه طبيعة بشرية حتى يمكنه الوصول إلى بني الإنسان . وكانت الطبيعة الإلهية بحاجة إلى الطبيعة البشرية لأن خلاص العالم كان يستلزم وجود كلتيهما معا . كانت الألوهية بحاجة إلى البشرية لكي تكون البشرية قناة اتصال بين الله والإنسان . وهذا يصدق أيضا على خدام المسيح ورسله . فالإنسان يحتاج إلى قوة خارجة عنه وأعلى منه لتعيده إلى صورة الله وتقدره على القيام بعمل الله ، ولكن هذا لا لجعل الوسيلة البشرية غير لازمة أو غير جوهرية . إن البشرية تمسك بقدرة الله ، والمسيح يسكن في القلب بالإيمان ، وعن طريق التعاون مع القوة الإلهية تصير قوة الإنسان فعالة لعمل الخير. ML 272.4

إن ذاك الذي دعا صيادي الجليل لم يزل يدعو الناس لخدمته ، لم يزل راغبا في إظهار قدرته فينا كما قد أظهرها في التلاميذ الأولين. ومهما نكن ناقصين وخطاة فالرب يقدم لنا هبة مشاركته والتلمذة للمسيح . وهو يدعونا إلى قبول التعليم الإلهي حتى إذا اتحدنا بالمسيح يمكننا أن نعمل أعمال الله. ML 273.1

“لنا هذا الكنز في أوان خزفية، ليكون فضل القوة لله لا منا” (2 كورنثوس 4 : 7). هذا هو السبب الذي لأجله أسند السيد عمل الكرازة بالإنجيل إلى أناس مخطئين لا إلى الملائكة. إنه أمر واضح أن القوة التي تعمل عن طريق ضعف البشرية هي قوة الله . وهذا يشجعنا على أن نؤمن بأن القوة التي قد أعانت من هم ضعفاء نظيرنا يمكنها أن تعيننا . فالإنسان الضعيف الذي هو أداة بيد القدير يكون “فادراً أن يترفق بالجهال والضالين، إذ هو أيضاً محاط بالضعف” (عبرانيين 5 : 2). وبما أن المندوبين لعمل البشارة هم أنفسهم محاطون بالمخاطر فإنهم يعرفون مخاطر الطريق وصعابها ، ولهذا السبب هم مدعوون لأن يبصروا غيرهم ممن هم سائرون في نفس الطريق حتى يتقوا تلك المخاطر . إن بعض النفوس تساورها الشكوك وتضنيها الضعفات فهم ضعفاء في الإيمان وغير قادرين على التمسك بغير المنظور . ولكن الصديق الذي يمكنهم أن يروه والذي يأتيهم بدلا من المسيح يمكنه أن يكون حلقة اتصال ليثبت في المسيح إيمانهم المترنح المرتعش . ML 273.2

علينا أن نكون عاملين مع ملائكة السماء في تقديم يسوع للعالم . إن الملائكة ينتظرون منا أن نتعاون معهم بشوق عظيم وصبر يكاد يكون نافدا ، لأن الإنسان ينبغي أن يكون قناة للاتصال بإنسان مثله. وعندما نسلم ذواتنا للمسيح في تكريس قلبي كامل فالملائكة سيفرحون ويتهللون حين يمكنهم أن يتكلموا بأصواتنا معلنين للناس محبة الله . ML 273.3