مشتهى الأجيال
رأي واحد وحكم واحد
لقد كانت لكل التلاميذ أخطاء كثيرة عندما دعاهم يسوع لخدمته. حتى يوحنا الذي تمتع بأقدس وأوثق شركة مع ذاك الوديع والمتواضع القلب لم يكن بطبيعته وديعا أو متواضعا أو خاضعا . فلقد دعي هو وأخوه بـ “ابني الرعد” فعندما كانا مرافقين ليسوع كان أقل إهانة أو احتقار موجه إلى سيدهما كفيلا بإثارة غضبهما ومقاومتهما . كان في التلميذ المحبوب كثير من النقائص كالطبع الحاد الشرير وحب الانتقام وروح الانتقاد . كان متكبرا ويطمع في أن يكون الأول والأعظم في ملكوت الله . ولكنه يوما بعد يوم كان يرى رقة يسوع وصبره واحتماله على نقيض روح الغضب التى كانت فيه هو ، وكان يسمع تعاليمه عن الوداعة والصبر ، ففتح قلبه لتأثيرات روح الله ، وصار ليس سامعا فقط لتعاليم المخلص بل أيضا عاملا بها. لقد استقرت الذات في المسيح وتعلم هو أن يحمل نير المسيح بدون تذمر أو شكوى. ML 271.5
وبخ يسوع تلاميذه وأنذرهم وحذرهم ، ولكن يوحنا وإخوته التلاميذ لم يتركوا السيد بل اختاروه برغم توبيخاته. كما أن المخلص لم يتركهم بسبب ضعفاتهم وأخطائهم ، فلازموه طوال الوقت ليشاطروه تجاربه وليتعلموا من حياته دروسا ثمينة . وإذ نظروا إلى المسيح تغيرت صفاتهم. ML 272.1
كان الرسل يختلفون بعضهم عن بعض اختلافا بينا في عاداتهم وميولهم. فكان بينهم العشار لاوي- متى ، وسمعان الغيور الملتهب عدو سلطان روما الذي لا يلين ، وبطرس الكريم النفس السريع الاندفاع ، ويهوذا الدنيء النفس ، وتوما المستقيم القلب الذي كان مع ذلك خجولا ووجلا ، وفيلبس البطيء القلب والميال إلى الشكوك ، وابنا زبدي اللذان كانا يجاهران بطموحهما ومعهما إخوتهما . كان هؤلاء معا بما فيهم من أخطاء مختلفة ، وفيهم ميل إلى الشر موروث ومكتسب ، ولكنهم في المسيح وعن طريقه كان لا بد أن يعيشوا بين أسرة الله ليتعلموا كيف يكونون موحدين في إيمانهم وعقيدتهم وروحهم ، وستكون لهم تجاربهم ومضايقاتهم وآراؤهم المتباينة ، ولكن طالما كان المسيح ساكنا في قلوبهم لم يكن هنالك مجال للمنازعات . فمحبته ستجعل كلا منهم يحب إخوته ، والتعاليم التي يتلقونها من المعلم ستجعلهم جميعا في حالة انسجام ، وبذلك تختفي كل الفروق فيتحدون بحيث يكون لجميعهم رأي واحد وحكم واحد . إن المسيح هو مركز الدائرة وكل منهم كان مزمعا أن يقترب إلى باقي إخوته بنسبة اقترابه من المركز. ML 272.2
وعندما انتهى المسيح من تعليم التلاميذ جمع حوله ذلك القطيع الصغير ، وإذ جثا على ركبتيه في وسطهم واضعا يديه على رؤوسهم قدم لأجلهم صلاة ، مكرسا إياهم للعمل المقدس. وهكذا أقيم تلاميذ الرب لخدمة الإنجيل . ML 272.3