مشتهى الأجيال

234/684

الله يطلب الطائعين

إن الله يأخذ الناس كما هم بالعناصر البشرية التي في أخلاقهم ثم يدربهم على خدمته إذا كانوا يرغبون في أن يتدربوا ويتعلموا منه . إنهم لم يختاروا لكونهم كاملين ، بل لكي يتغيروا إلى صورته عن طريق معرفة الحق وممارسته وعن طريق نعمة المسيح بالرغم من نقائصهم. ML 270.3

كانت ليهوذا نفس الفرص التي كانت لباقي التلاميذ ، وكان يصغي إلى نفس التعاليم الثمينة. ولكن السلوك بموجب الحق الذي كان يطلبه المسيح كان على طرفي نقيض مع رغائب يهوذا وأغراضه ، فلم يرد أن يتخلى عن آرائه لكي يقبل الحكمة النازلة من فوق. ML 270.4

وكم كان المخلص رقيقا في معاملته لذاك المزمع أن يسلمه! إن يسوع في تعاليمه تكلم كثيرا عن مبادئ الإحسان التي كانت فئوسا ضربت الطمع في أصوله ، وصور لعقل يهوذا شناعة الجشع ومرارا كثيرة كان التلميذ يقتنع بأن كلام المسيح صور أخلاقه أدق تصوير وكشف عن خطيته . ولكنه أبى الاعتراف بشره أو الإقلاع عنه . كان مكتفيا بنفسه وراضيا عنها وبدلا من مقاومة التجربة أمعن في الاختلاس والخيانة التي قد حذقها .كان المسيح أمامه مثالا حيا لما يجب أن يصير إليه إذا أراد أن يجتني ثمار الوساطة والخدمة الإلهية . ولكن كل تلك الدروس التي سمعها ذلك التلميذ لم تلاق منه أية استجابة. ML 271.1

لم يوجه إليه يسوع أي توبيخ على طمعه. ولكنه بصبر إلهي احتمل هذا الرجل المخطئ حتى مع كونه قد برهن له على أنه يعرف خفايا قلبه كما لو كان يقرأ من سفر مفتوح أمامه . وقد بسط أمامه أسمى الدوافع للعمل الصائب ، فإذا رفض يهوذا نور السماء فلن يكون له عذر. ML 271.2

وبدلا من أن يسير يهوذا في النور اختار الإبقاء على نقائصه . قد احتضن في قلبه الأميال الشريرة وشهوة الانتقام والأفكار المظلمة الكئيبة إلى أن سيطر عليه الشيطان سيطرة كاملة حتى صار يهوذا نائبا عن عدو المسيح. ML 271.3

وعندما صاحب يهوذا يسوع كانت في أخلاقه بعض الميزات التي كان يمكن أن تكون بركة للكنيسة. فلو رغب في حمل نير المسيح لصار بين طليعة الرسل ، ولكنه قسى قلبه عندما أشير إلى نقائصه ، وفي كبريائه وتمرده اختار مطامعه الأنانية وهكذا جعل نفسه غير أهل للقيام بالعمل الذي أراد الله أن يسنده إليه. ML 271.4