مشتهى الأجيال

224/684

إساءة القصد من السبت

كان معلمو اليهود يفتخرون بأنهم يعرفون الكتب ، لكن جواب المخلص انطوى على توبيخ وجهه لجهلهم الكتب المقدسة إذ قال لهم: “أما قرأتم ما فعله داود حين جاع هو والذين معه؟ كيف دخل بيت الله وأكل خبز التقدمة الذي لم يحل أكله له ولا للذين معه، بل للكهنة فقط”، “أو ما قرأتم في التوراة أن الكهنة في السبت في الهيكل يدنّسون السبت وهم أبرياء؟ ولكن أقول لكم: إن ههنا أعظم من الهيكل!” “ابن الإنسان هو رب السبت أيضاً” (لوقا 6 : 3 و 4 ؛ مرقس 2 : 27 و 28 ؛ متى 21 : 5 و 6). ML 260.3

فإذا كان حقا وصوابا أن يشبع داود جوعه من الخبز المفرز لأغراض مقدسة ، إذا فقد كان حقا وصوابا أيضا أن يشبع التلاميذ جوعهم بقطف سنابل الحنطة في ساعات السبت المقدسة ثم أن الكهنة في الهيكل كانوا يوم السبت يقومون بأعمال أكثر مما في باقي الأيام. ولو مارس إنسان هذا العمل نفسه في أعماله الدنيوية لأصبح تعديا ، ولكن عمل الكهنة كان في خدمة الله ، فكانوا يمارسون تلك الطقوس التي كانت تشير إلى قوة المسيح الفادية، وكان عملهم على وفاق مع غاية السبت. أما الآن فقد أتى المسيح نفسه . إن التلاميذ في قيامهم بأعمال المسيح كانوا يخدمون الله . وما كان لازما لإتمام هذا العمل كان من الصواب عمله في يوم السبت. ML 260.4

وقد أراد المسيح أن يعلم تلاميذه وأعداءه أن خدمة الله ينبغي أن تكون أولا ، لأن الغاية من عمل الله في هذا العالم هي فداء الإنسان. إذا فما يلزم عمله في يوم السبت لإنجاز هذا العمل هو مطابق لشريعة السبت . وبعد ذلك توج يسوع حجته بإعلانه عن نفسه أنه“رب السبت” كمن هو فوق كل تساؤل وكل قانون . فهذا القاضي الأعلى يبرئ تلاميذه من كل لوم إذ لجأ إلى نفس الوصايا التي كانوا متهمين بكسرها. ML 261.1

لم يكتف المسيح بأن تمر هذه المسألة بمجرد توجيه توبيخ إلى أعدائه ، فقد أعلن لهم أنهم في عماهم أخطأوا غاية السبت فقال لهم: “لو علمتم ما هو: إني أريد رحمة لا ذبيحة، لما حكمتم على الأبرياء!” (متى 12 : 7). إن طقوس اليهود الكثيرة التي كانوا يمارسونها بلا قلب لم تكن لتسد حاجتهم إلى الاستقامة الحقيقية والمحبة الرقيقة التي طالما ميزت عبدة الله الحقيقيين. ML 261.2