مشتهى الأجيال
“قم واحمل فراشك”
وإذ ثبت يسوع نظره فيهم جبنوا أمامه وتراجعوا ، ومن ثم قال لهم: “ ماذا تفكرون في قلوبكم؟ أيما أيسر: أن يقال: مغفورة لك خطاياك، أم أن يقال: قم وامش؟ ولكن لكي تعلموا أن لإبن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا” ثم بعد أن رجع يصوّب نظره إلى المفلوج: “قم واحمل فراشك واذهب إلى بيتك!” (لوقا 5 : 22 — 24). ML 244.2
وإذا بذلك الرجل الذي أتي به إلى يسوع محمولا على فراشه ينهض على قدميه بكل ما في الشباب من خفة ومرونة وقوة ، وإذا بالدماء الحارة تجري في كل عروقه ، وكل عضو في جسمه تملأه القوة ، فينشط للعمل فجأة ، وبدلا من شحوب الموت الذي كان يدنو منه ، كان وجهه وجسمه يتألقان بالصحة والحياة: “فقام للوقت وحمل السرير وخرج قدّام الكل، حتى بهت الجميع و مجّدوا الله قائلين: ما رأينا مثل هذا قط!” (مرقس 2 : 12). ML 244.3
يا لمحبة يسوع العجيبة إذ تتنازل لتشفي المذنبين والمتألمين! هوذا الإله يحزن ويخفف آلام بني الإنسان المتألمين! ويا للقوة العجيبة التي تعلن نفسها هكذا لبنى الإنسان! من ذا يستطيع أن يشك في رسالة الخلاص ؟ أومن ذا يحتقر مراحم الفادي الرؤوف ؟ ML 244.4
إن الأمر كان يحتاج إلى قدرة الله الخالقة لكي تعود إلى ذلك الجسم الواهن الذابل صحته ونضارته. إن ذلك الصوت الذي منح الحياة للإنسان المجبول من تراب الأرض هو نفسه الذي منح الحياة لذلك المفلوج الذي كان يحتضر . ونفس القوة التي أعادت الحياة إلى الجسم هي التي جددت القلب. ذاك الذي عند بدء الخليقة: “قال فكان. هو أمر فصار” (مزمور 33 : 9). هو نفسه الذي تكلم بكلمة الحياة للنفس المائتة بالذنوب والخطايا . إن شفاء الجسد كان برهانا على القوة التي جددت القلب . وقد أمر المسيح المفلوج بأن يقوم ويمشي قائلا: “لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا” (لوقا 5 : 24). ML 244.5
ذلك المفلوج وجد في يسوع شفاء للنفس والجسد ، وتبع الشفاء الروحي شفاء جسدي ، فينبغي لنا ألا نغفل هذا الدرس. وفي هذه الأيام يوجد آلاف الناس الذين يتعذبون من أمراض جسدية ، وهم كالمفلوج يتوقون لسماع الرسالة القائلة: “مغفورة لك خطاياك” إن عبء الخطية بما ينطوي عليه من عدم الراحة والرغائب التي لم تشبع بعد هو سبب كل أدواء الناس . إنهم لا يستطيعون أن يجدوا راحة حتى يأتوا إلى شافي النفوس . إن السلام الذي لا يستطيع أحد سواه أن يمنحه للنفس يمكنه أن يعطى للذهن نشاطا وللجسم صحة وقوة. ML 245.1
لقد أتى يسوع “ لكي ينقض أعمال إبليس“. ”فيه كانت الحياة ” وهو القائل: “أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل”، وقد صار “روحاً محييا (1 ” يوحنا 3 : 8 ؛ يوحنا 1 : 4، 10 ؛ كورنثوس 15 : 45). ولا يزال يملك القوة المانحة الحياة ، كما قد شفي المرضى ومنح الغفران للخطاة عندما كان على الأرض ، “الذي يغفر جميع ذنوبك. الذي يشفي كل أمراضك” (مزمور 103 : 3). ML 245.2
كان تأثير معجزة شفاء المفلوج هذه على الشعب عظيما كما لو أن السماء انفتحت وكشفت عن أمجاد العالم الأفضل. وإذ شق الرجل الذي شفي لنفسه طريقا في وسط تلك الجموع وهو يبارك الله عند كل خطوة وحامل سريره وكأنه لا يحمل شيئا ، تراجع الناس ليفسحوا له الطريق ، وكانوا ينظرون إليه وهم ذاهلون ، ويتهامسون قائلين: “إننا قد رأينا اليوم عجائب!” (لوقا 5 : 26). ML 245.3