مشتهى الأجيال
ثغرة في السقف
حاول حاملو المفلوج مرارا أن يشقوا لأنفسهم طريقا في وسط ذلك الجمع ولكن كل محاولاتهم ذهبت هباء. وقد جال الرجل المريض في ألم وعذاب لا يعبر عنهما . وبعدما صارت المعونة التي طالما اشتاق إليها في متناول يده ، كيف يمكنه الآن أن يفلت الرجاء من يده . فبناء على اقتراحه حمله أصدقاؤه إلى سطح البيت وبعدما كشفوا السقف دلوا المرض أمام قدمي يسوع ، فتوقف السيد عن حديثه ، ونظر إلى وجه ذلك الرجل الذي ارتسمت عليه الحزن والفجيعة ورأى عينيه المتوسلتين مركزتين فيه . وقد عرف حالته لأنه هو الذي كان قد اجتذب إليه تلك النفس المرتبكة المتشككة . فإذ كان المفلوج لا يزال في بيته أدخل المخلص التبكيت إلى ضميره . وعندما تاب عن خطاياه وآمن بقدرة يسوع على شفائه باركت قلبه المشتاق مراحم المخلص المانحة الحياة . وقد لاحظ يسوع أول بارقة من بوارق الإيمان تنمو فيه حتى صارت يقينا لا يتزعزع بأن هذا هو المعين الوحيد للخاطئ ، كما رأى ذلك الإيمان ينمو و يتقوى مع كل محاولة أبداها للمثول بين يدي الفادي. ML 243.1
وبكلمات نزلت كالموسيقى على أذني المتألم قال له المخلص: “ثق بي يا بني. مغفورة لك خطاياك” (متى 9 : 2). ML 243.2
تدحرج حمل اليأس عن نفس ذلك الإنسان وشمل قلبه سلام الغفران ، فأضاء وجهه بنور الفرح. لقد شفي من ألمه الجسماني فتبدل كل كيانه . شفي المفلوج العاجز! وغفرت خطايا ذلك الخاطئ المجرم! ML 243.3
وبإيمان بسيط قبل الرجل كلمات يسوع كهبة الحياة الجديدة ، ولم يلح في طلب شيء آخر ، بل ظل مضطجعا هناك في سكون فرح ، فكانت سعادته مما لا يمكن أن يعبر عنها لسان ، وأشرق نور السماء على محياه ، ونظر الناس إلى ذلك الإنسان بتهيب ورهبة. ML 243.4
كان معلمو الشعب يتلهفون لمعرفة ما الذي سيفعله يسوع في هذه الحالة. وتذكروا كيف أن ذلك الرجل كان قد لجأ إليهم في طلب العون ولكنهم رفضوا إعطاءه الرجاء وأغلقوا أحشاءهم عنه . وإذ لم يكتفوا بذلك أعلنوا أنه يقاسى من لعنة الله على خطاياه . وها عادت إليهم تلك الذكرى عندما رأوه الآن أمامهم ، ثم لاحظوا الاهتمام العظيم بهذا المشهد الذي أبداه كل ذلك الجمع. فاعتراهم خوف شديد من أن يتلاشى نفوذهم وس ل طانهم على الشعب. ML 243.5
لم يتحدث أولئك الرؤساء معا ، ولكنهم قرأوا أفكار بعضهم البعض لمجرد تبادل النظرات. وكان معنى نظراتهم أنه لا بد من عمل شيء لصد تيار ذلك الشعور الجارف . لقد أعلن يسوع لذلك المفلوج أن خطاياه قد غفرت ، ولكن الفريسيين اعتبروا هذا التصريح تجديفا ، واعتقدوا أنه يمكنهم اعتبار هذا التجديف خطية تستوجب الموت ، وبموجب ذلك يقدمون يسوع للمحاكمة . وفكروا في قلوبهم قائلين: “لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف؟ من يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده؟” (مرقس 2 : 7). ML 244.1