مشتهى الأجيال
ثقافة التلاميذ
إن صيادي الجليل أولئك كانوا قوماً متواضعين وأمينين ، ولكن المسيح ، نور العالم ، كان قادراً تماماً على أن يؤهلهم للمراكز التي قد اختارهم لها. إن المخلص لم يكن يحتقر العلم ، فالعلم متى سيطرت عليه محبة الله وكرس لخدمته تعالى فإن تلك الثقافة العقلية تكون بركة . ولكنه مر على حكماء زمانه لأنهم كانوا واثقين بأنفسهم فلم يعطفوا على البشرية المتألمة ليصيروا شركاء رجل الناصرة . وفي تعصبهم رفضوا واحتقروا التعلم من المسيح . إن الرب يسوع يطلب من أولئك الذين سيصرون قنوات صالحة ، لإيصال نعمته للناس أن يتعاونوا معه . إن أول ما يجب أن يتعلمه أولئك الذين يريدون أن يكونوا عاملين مع الله هو درس عدم الثقة بالنفس . أنهم حينئذ يكونوا مستعدين لأن تنطبع على قلوبهم صفات المسيح . وهذا لا ينال من التعلم في أرقى معاهد العلم . ولكنه ثمرة من ثمار الحكمة تعطى للإنسان من المعلم الإلهي وحده. ML 222.1
لقد اختار يسوع أولئك الصيادين العديمي العلم لأنهم لم يكونوا قد تعلموا في مدرسة التقاليد والعادات الخاطئة التي كانت شائعة في زمانهم. كانوا ذوي مقدرة فكرية ومتواضعين وقابلين للتعلم- رجالا يمكنه أن يدربهم على عمله . وفي مسالك الحياة المادية كثيراً ما يحدث أن رجلاً يسير في عمله اليومي وهو صابر ، دون أن يحس بأنه يملك مواهب لو دربت ونشطت فسترفعه لأن يكون صنوا لأكرم رجال العلم . إن الحال يحتاج إلى لمسة يد ماهرة لإيقاظ القوى الخامدة والملكات العظيمة الهاجعة . أمثال هؤلاء كان الرجال الذين دعاهم يسوع لمشاركته في عمله وأعطاهم امتياز معاشرته . إن أعاظم رجال العالم لم يظفروا بمثل هذا المعلم . وعندما تخرج التلاميذ في مدرسة المخلص لم يعودوا جهلة أو غير متعلمين كما كانوا . لقد صاروا مثله في التفكير والصفات ، وعرف الناس أنهم كانوا مع يسوع. ML 222.2
إن أسمى أهداف التهذيب ليس فقط تقديم العلم وإيصال المعلومات للعقول بل هو منح النشاط المحيي الذي يناله الإنسان بارتباط الذهن بالذهن والنفس بالنفس. إن الحياة وحدها التي تلد حياة. ما كان أعظم امتياز أولئك الذين كانوا لمدى ثلاث سنين على اتصال دائم مع تلك الحياة الإلهية التي كانت تفيض منها كل البواعث المانحة للحياة والتي قد باركت العالم! هذا ، وأن يوحنا الحبيب قد سلم نفسه لقوة تلك الحياة العجيبة أكثر من صائر رفاقه. وهو الذي قال: “فإن الحياة أظهرت، وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا” ، “ومن ملئه نحن جميعاً أخذنا، ونعمة فوق نعمة” (1 يوحنا 1 : 2 ؛ يوحنا 1 : 16). ML 222.3