مشتهى الأجيال
صيادو ناس
ولم يكن أحد من التلاميذ قد تفرغ كلية بعد ليكون شريكاً للمسيح في عمله. لقد رأوا كثيراً من معجزاته واستمعوا لتعاليمه ولكنهم لم يكونوا قد تركوا حرفتهم وتبعوه نهائياً ، فقد كانت حادثة إلقاء يوحنا المعمدان في السجن صدمة عنيفة وخيبة أمل مريرة لجميعهم فإذا كانت هذه هي نتيجة خدمة يوحنا فلن يكون لهم كبير أمل في معلمهم وقد اصطف كل رجال الدين يحاربونه . وفي ذلك الظرف كان مما يسري عنهم كونهم يعودون لصيد السمك لوقت قصير . أما الآن فها يسوع يدعوهم لترك حرفتهم الأولى وحياتهم الأولى ليربطوا بين مصالحهم ومصلحته . وقد قبل بطرس الدعوة ولما وصل يسوع إلى الشاطئ دعا التلاميذ الثلاثة الآخرين (يعقوب ويوحنا وأندراوس) قائلاً: “هلمّ ورائي فأجعلكما تصيران صيادي الناس” ففي الحال “تركوا كل شيء وتبعوه” (مرقس 1 : 17 ؛ لوقا 5 : 11). ML 221.1
ولكن يسوع قبلما أمرهم بترك شباكهم وسفن الصيد كان قد أعطاهم اليقين والضمان بأن الله سيسد أعوزهم. إن استخدامه لسفينة بطرس لأجل عمل الإنجيل جعل بطرس يأخذ في مقابل ذلك مكافأة سخية . إن ذاك الذي كان ولا يزال “غنياً لجميع الذين يدعون به” قال: “أعطوا تعطوا، كيلاً جيداً ملبداً مهزوزاً فائضاً” (رومية 10 : 12 ؛ لوقا 6 : 38). وبهذا الكيل كافأ السيد تلميذه على خدمته . وكل تضحية نقوم بها في خدمته سيعطينا تعويضاً عنها “أكثر جداً مما نطلب” حسب “غنى نعمته الفائق” (أفسس 3 : 20 ؛ 2 : 7). ML 221.2
في أثناء تلك الليلة الكاسفة التي قضاها أولئك التلاميذ في البحيرة بعيداً عن المسيح كان عدم الإيمان رابضاً في قلوبهم وكانوا متعبين من عملهم العديم الفائدة. ولكن حضوره أضرم في قلوبهم الإيمان وأتاهم بالنجاح والفرح . وهذا ينطبق علينا . فبدون المسيح يمسي عملنا عديم الثمر ويكون من السهل علينا أن نشك ونتذمر . ولكن متى كان قريبا منا وعملنا نحن حسب توجيهاته فإننا نفرح عندما نتأكد من قوته العاملة معنا . إن عمل الشيطان هو تثبيط همة الإنسان ، أما عمل المسيح فهو أنه يلهمنا إيمانا ورجاء. ML 221.3
إن الدرس الأعمق الذي قد تعلمه التلاميذ من تلك المعجزة هو درس لنا نحن أيضاً — هو أن ذلك الذي قد استطاع بكلمته أن يجمع السمك من البحر يمكنه أيضاً أن يعمل في قلوب بنى الإنسان ويجذبهم بربط محبته حتى يصير عبيده صيادي الناس. ML 221.4