مشتهى الأجيال

157/684

يرفضون الكتب المقدسة

لقد كانت الكتب المقدسة في حوزة اليهود فكانوا يتوهمون أن في مجرد معرفتهم الخارجية السطحية لكلمة الله لهم حياة أبدية. ولكن المسيح صارحهم بقوله: “ليست لكم كلمته ثابتة فيكم” (يوحنا 5 : 38). وإذ رفضوا المسيح في كلمته فقد رفضوا شخصه ، فقال لهم: “ولا تريدون أن تأتوا إليّ لتكون لكم حياة” (يوحنا 5 : 40). ML 190.3

كان رؤساء اليهود قد درسوا أقوال الأنبياء عن ملكوت مسيا ، إلا أنهم لم يفعلوا ذلك برغبة خالصة في معرفة الحق بل كان قصدهم من ذلك أن يجدوا دليلا تستند إليه آمال الطموح التي قد احتضنوها طويلا. فلما أتى المسيح في حالة غير التي قد ركزوا فيها انتظاراتهم لم يقبلوه . ولكي يبرروا أنفسهم حاولوا أن يبرهنوا على أنه محتال . وعندما خطوا أول خطوة في هذا السبيل صار من السهل على الشيطان أن يزيد من مقاومتهم للمسيح . فنفس الأقوال التي كان ينبغي لهم قبولها دليلا على ألوهيته فسروها على عكس معناها . وهكذا حولوا حق الله إلى الكذب ، وكلما وجه المخلص كلامه إليهم مباشرة في أعمال رحمته ازدادوا إمعانا في إصرارهم على مقاومة النور. قال يسوع: “مجداً من الناس لست أقبل” (يوحنا 5 : 41). إنه لم يكن يرغب في الظفر بتأييد السنهدريم أو مصادقتهم ، ولم يكن ليحصل على مجد من استحسانهم ، فلقد كان مزودا بمجد السماء وسلطانها . فلو رغب فيه لكان الملائكة يأتونه سجدا معلنين ولاءهم له . وكان الآب يشهد لألوهيته مرة ثانية . ولكن لأجلهم ، ولأجل الأمة التي كانوا هم رؤساءها كان يتوق إلى أن يدرك الرؤساء اليهود كيفية شخصيته ويقبلوا البركات التي قد آتى ليمنحهم إياها. ML 190.4

ثم قال لهم: “أنا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلونني. إن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه” (يوحنا 5 : 43). لقد أتى يسوع مزودا بسلطان الله حاملا صورته مقيما كلامه وطالبا مجده ، ومع ذلك لم يقبله رؤساء إسرائيل . ولكن حين يأتي آخرون مدعين أنهم المسيح ولكن مدفوعين بدافع من أنانيتهم وطالبين مجد أنفسهم فالرؤساء يقبلون أمثال أولئك الأدعياء ، لماذا لأن من يطلب مجد نفسه يجد تجاوبا عند من يطلبون مجد أنفسهم ، هذا ما كان يتجاوب معه اليهود . كانوا يقبلون المعلمين الكذبة ، لأنهم كانوا يتملقون كبرياءهم ويصادقون على آرائهم وتقاليدهم المحبوبة لديهم . ولكن تعاليم المسيح لم تكن مطابقة لرغائبهم ، إذ كانت تلك التعاليم روحية وتتطلب تضحية النفس ولذلك رفضوا قبولها . لم تكن لهم معرفة بالله ولذلك كانوا يعتبرون أن صوته الناطق في المسيح هو صوت إنسان غريب. ML 191.1