الصراع العظيم

92/424

غيوم في الافق

ولم يكن لوثر ليسير في رحلته الخطرة وحده، ففضلا عن رسول الامبراطور صمم ثلاثة من أشجع اصدقائه على مرافقته . وكان ميلانكثون يرغب بكل لهفة ان يصحبهم. كان قلبه مرتبطا بقلب لوثر، وكان يتوق الى اتباعه الى السجن أو الموت اذا دعت الضرورة . لكنّ توسلاته رفضت . فلو مات لوثر فان الامل في بقاء الاصلاح وتقدمه سيتركز في ذلك الشاب . قال المصلح وهو يودع ميلانكثون: ”اذا لم أرجع وقتلني اعدائي فداوم أنت على التعليم وابقَ ثابتاً في الحق وجاهد بدلاً مني... فان بَقَيت انت حيا فلن يكون لموتي كبير أهمية“ (٨٧). تأثر الطلبة والمواطنون الذين اجتمعوا لمشاهدة لوثر وهو يرحل تأثرا عظيم ا. وان جمعا كبيرا ممن كانوا قد تأثروا بتعاليم الانجيل ودّعوه وهم يبكون . وهكذا سافر المصلح ورفاقه من وتنبرج. GC 166.2

وفيما كانوا مسافرين لاحظو ا أن عقول الناس كانت متضايقة من جراء التطيرات الكئيبة . وفي بعض المدن لم يقابَلوا بالاكرام . وعندما مالوا ليبيتوا تلك الليلة عبَّر كاهن صديق عن مخاوفه برفعه أمام عيني لوثر صورة مصلح ايطالي قاسى آلام الاستشهاد . وفي اليوم التالي علموا أن مؤلفات لوثر قد حُرمت وحكم ببطلانها في ورمس . وكان رسل الامبراطور يعلنون حكمه ويذيعونه ويدعون الشعب الي احضار تلك الكتب المصادرة الى الحكام . واذ كان رسول الامبراطور يخشى على سلامة لوثر في المجلس ويظن أن عزمه قد تزعزع سأله عما اذا كان لا يزال راغبا في التقدم في سيره فأجابه قائلا: ”ولو وقع عليَّ الحرم في كل مدينة فلا بد من ذهابي“ (٨٨). GC 168.1