خواطر من جبل البَرَكَة
« لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ » (متى 6: 10)
إن الله هو أبونا الذي يحبنا ويرعانا كأولاده، وهو أيضاً ملك المسكونة العظيم. ومَصالحُ ملكوته هي مصالحنا، وعلينا أن نعمل لأجل بناء ملكوته وتدعيمه. ArMB 52.5
كان تلاميذ المسيح ينتظرون مجيء ملكوت مجده في الحال، ولكن يسوع إذ أعطاهم هذه الصلاة علمهم أنّ الملكوت لم يكن ليقام حينئذ. فكان عليهم أن يصلوا طالبين إتيانه كحادث يقع في المستقبل. ولكن هذه الطلبة كانت أيضاً تأكيداً وضماناً لهم. ففي حين أنّه لم يكن من نصيبهم أن يشاهدوا مجيء الملكوت في أيامهم، فإنّ حقيقة كون يسوع أمرهم بأن يصلوا طالبين ذلك هي البرهان على أنّه لابد أن يأتي في الوقت المقرّر من الله. ArMB 52.6
إنّ ملكوت نعمة الله يتثبت الآن إذ تخضع القلوب التي كانت مفعمة بالخطية والعصيان، لسلطان محبته. ولكن التثبيت الكامل لملكوت مجده لن يتمّ حتى يأتي المسيح ثانية إلى هذا العالم. « وَالْمَمْلَكَةُ وَالسُّلْطَانُ وَعَظَمَةُ الْمَمْلَكَةِ تَحْتَ كُلِّ السَّمَاءِ تُعْطَى لِشَعْبِ قِدِّيسِي الْعَلِيِّ » وهم سيرثون الملك المعد لهم « مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ » (دانيال 7: 27؛ متى 25: 34). وسيأخذ المسيح لنفسه سلطانه العظيم وملكه. ArMB 53.1
وسـترفع أبـواب السـماء من جـديد وسـيخرج مخلصنا كملك الملوك ورب الأربـاب مع ربـوات ربـوات وألـوف ألـوف القـديسين. فالـرب عِمَّانُوئِيل « يَكُونُ ... مَلِكًا عَلَى كُلِّ الأَرْضِ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ الرَّبُّ وَحْدَهُ وَاسْمُهُ وَحْدَهُ» (زكريا 14: 9). « ومَسْكَنُ اللهِ» سيكون مع الناس « وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ » (رؤيا 21: 3). ArMB 53.2
ولكن قبل ذلك المجيء، قال يسوع: « وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ » (متى 24: 14). إنّ ملكوته لن يأتي حتى تصل بشارة نعمته إلى كل الأرض. فلهذا إذ نسلم ذواتنا لله ونربح له نفوسا فنحن نعجّل مجيء ملكوته. فالذين يكرسون ذواتهم لخدمته قائلين: « هأَنَذَا أَرْسِلْنِي » ليفتحوا عيون العميان « كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ، وَمِنْ سُلْطَانِ الشَّيْطَانِ إِلَى اللهِ، حَتَّى يَنَالُوا بِالإِيمَانِ بِي غُفْرَانَ الْخَطَايَا وَنَصِيبًا مَعَ الْمُقَدَّسِينَ » (إِشَعْيَاء 6: 8؛ أعمال 26: 18) ـ هم وحدهم الذين يصلون قائلين بإخلاص: « لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ ». ArMB 53.3